مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حق

صفحة 246 - الجزء 1

  الخفّ من المشي حتى يرقّ، وقد حَفِيَ⁣(⁣١) حَفاً وحَفْوَة، ومنه: أَحْفَيْتُ الشّارب: أخذته أخذا متناهيا، والحَفِيُّ: البرّ اللطيف في قوله ø: {إِنَّه كانَ بِي حَفِيًّا}⁣[مريم: ٤٧]، ويقال: حَفَيْتُ بفلان وتَحَفَّيْتُ به: إذا عنيت بإكرامه، والحَفِيّ: العالم بالشيء.

حقَّ

  أصل الحَقّ: المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه⁣(⁣٢) لدورانه على استقامة.

  والحقّ يقال على أوجه:

  الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في اللَّه تعالى: هو الحقّ⁣(⁣٣)، قال اللَّه تعالى: {ورُدُّوا إِلَى الله مَوْلاهُمُ الْحَقِّ}⁣(⁣٤)، وقيل بعيد ذلك: {فَذلِكُمُ الله رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}⁣[يونس: ٣٢].

  والثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل اللَّه تعالى كلَّه حق، نحو قولنا: الموت حق، والبعث حق، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والْقَمَرَ نُوراً}⁣[يونس: ٥]، إلى قوله: {ما خَلَقَ الله ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ}⁣[يونس: ٥]، وقال في القيامة: {ويَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي ورَبِّي إِنَّه لَحَقٌّ}⁣[يونس: ٥٣]، و {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ}⁣[البقرة: ١٤٦]، وقوله ø: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}⁣[البقرة: ١٤٧]، {وإِنَّه لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}⁣[البقرة: ١٤٩].

  والثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنّة والنّار حقّ، قال اللَّه تعالى: {فَهَدَى الله الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيه مِنَ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٢١٣].

  والرابع: للفعل والقول بحسب ما يجب وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا:

  فعلك حقّ وقولك حقّ، قال تعالى: {كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}⁣[يونس: ٣٣]، و {حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ}⁣[السجدة: ١٣]، وقوله ø: {ولَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ}⁣[المؤمنون: ٧١]، يصح أن يكون المراد به اللَّه تعالى، ويصحّ أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال: أَحققْتُ كذا، أي: أثبتّه حقا، أو حكمت بكونه حقا، وقوله


(١) انظر: الأفعال ١/ ٣٧٤.

(٢) هي عقب الباب.

(٣) راجع: الأسماء والصفات ص ٢٦.

(٤) سورة يونس آية ٣٠.