حكم
  ١٢١ - فاحكم كحكم فتاة الحيّ إذا نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثّمد(١)
  والثّمد: الماء القليل، وقيل معناه: كن حكيما.
  وقال ø: {أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}[المائدة: ٥٠]، وقال تعالى: {ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠]، ويقال: حَاكِم وحُكَّام لمن يحكم بين الناس، قال اللَّه تعالى: {وتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ}[البقرة: ١٨٨]، والحَكَمُ: المتخصص بذلك، فهو أبلغ. قال اللَّه تعالى: {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً}[الأنعام: ١١٤]، وقال ø: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِه وحَكَماً مِنْ أَهْلِها}[النساء: ٣٥]، وإنما قال: {حَكَماً} ولم يقل: حاكما، تنبيها أنّ من شرط الحكمين أن يتوليا الحكم عليهم ولهم حسب ما يستصوبانه من غير مراجعة إليهم في تفصيل ذلك، ويقال الحكم للواحد والجمع، وتحاكمنا إلى الحاكم.
  قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}[النساء: ٦٠]، وحَكَّمْتُ فلانا، قال تعالى: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥]، فإذا قيل: حكم بالباطل، فمعناه:
  أجرى الباطل مجرى الحكم. والحِكْمَةُ: إصابة الحق بالعلم والعقل، فالحكمة من اللَّه تعالى:
  معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان: معرفة الموجودات وفعل الخيرات.
  وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله ø: {ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ}[لقمان: ١٢]، ونبّه على جملتها بما وصفه بها، فإذا قيل في اللَّه تعالى: هو حَكِيم(٢)، فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال اللَّه تعالى: {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ}[التين: ٨]، وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة، نحو: {الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ}[يونس: ١]، وعلى ذلك قال: {ولَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأَنْباءِ ما فِيه مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ}[القمر: ٤ - ٥]، وقيل: معنى الحكيم المحكم(٣)، نحو: {أُحْكِمَتْ آياتُه}[هود: ١]، وكلاهما صحيح، فإنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعا، والحكم أعمّ من الحكمة، فكلّ حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فإنّ الحكم أن يقضى بشيء على شيء، فيقول: هو كذا أوليس بكذا، قال ﷺ: «إنّ من الشّعر
(١) البيت للنابغة الذبياني من معلَّقته، وهو في ديوانه ص ٣٤، وشرح المعلَّقات للنحاس ٢/ ١٦٨، والبصائر ٢/ ٤٩١، واللسان (حكم).
(٢) راجع: الأسماء والصفات ص ٣٨.
(٣) انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٧٣.