مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

سغب

صفحة 412 - الجزء 1

  طلبه، وخصّ المشي فيما بين الصّفا والمروة بالسعي، وخصّت السّعاية بالنميمة، وبأخذ الصّدقة، وبكسب المكاتب لعتق رقبته، والمساعاة بالفجور، والمسعاة بطلب المكرمة، قال تعالى: {والَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ}⁣[سبأ: ٥]، أي: اجتهدوا في أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.

سغب

  قال تعالى: {أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}⁣[البلد: ١٤]، من السَّغَبِ، وهو الجوع مع التّعب، وقد قيل: في العطش مع التّعب، يقال: سَغِبَ سَغَباً وسُغُوباً⁣(⁣١)، وهو سَاغِبٌ، وسَغْبَانُ، نحو: عطشان.

سفر

  السَّفْرُ: كشف الغطاء، ويختصّ ذلك بالأعيان، نحو: سَفَرَ العمامة عن الرّأس، والخمار عن الوجه، وسَفْرُ البيتِ: كَنْسُه بِالْمِسْفَرِ، أي: المكنس، وذلك إزالة السَّفِيرِ عنه، وهو التّراب الذي يكنس منه، والإِسْفارُ يختصّ باللَّون، نحو: {والصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ}⁣[المدثر: ٣٤]، أي: أشرق لونه، قال تعالى: {وُجُوه يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}⁣[عبس: ٣٨]، و «أَسْفِرُوا بالصّبح تؤجروا»⁣(⁣٢) من قولهم:

  أَسْفَرْتُ، أي: دخلت فيه، نحو: أصبحت، وسَفَرَ الرّجل فهو سَافِرٌ، والجمع السَّفْرُ، نحو:

  ركب. وسَافَرَ خصّ بالمفاعلة اعتبارا بأنّ الإنسان قد سَفَرَ عن المكان، والمكان سفر عنه، ومن لفظ السَّفْرِ اشتقّ السُّفْرَةُ لطعام السَّفَرِ، ولما يوضع فيه. قال تعالى: {وإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ}⁣[النساء: ٤٣]، والسِّفْرُ: الكتاب الذي يُسْفِرُ عن الحقائق، وجمعه أَسْفَارٌ، قال تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً}⁣[الجمعة: ٥]، وخصّ لفظ الأسفار في هذا المكان تنبيها أنّ التّوراة - وإن كانت تحقّق ما فيها - فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، وقوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ}⁣[عبس: ١٥ - ١٦]، فهم الملائكة الموصوفون بقوله: {كِراماً كاتِبِينَ}⁣[الانفطار: ١١]، والسَّفَرَةُ:

  جمع سَافِرٍ، ككاتب وكتبة، والسَّفِيرُ: الرّسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة،


(١) قال السرقسطي: سغب وسغب لغتان، ولغة سغب بالضم: جاع.

وقال بعض أهل اللغة: لا يكون السّغب إلا الجوع مع التعب، وربما سمّي العطش سغبا، وليس بمستعمل، قال: والمصدر: السّغابة والسّغوب. انظر: الأفعال ٣/ ٥١٩.

(٢) الحديث عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول اللَّه يقول: «أسفروا بالفجر فإنّه أعظم للأجر». أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وأحمد ٣/ ٤٦٥، وابن ماجة (٢٦٢) وصححه، والنسائي ١/ ٢٧٢، وقال البغوي:

هذا حديث حسن، وانظر: شرح السنة ٢/ ١٩٦.