ضرع
  وقوله: {وخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعِيفاً}[النساء: ٢٨]، فَضَعْفُه: كثرةُ حاجاته التي يستغني عنها الملأ الأعلى، وقوله: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً}[النساء: ٧٦]، فَضَعْفُ كيدِه إنما هو مع من صار من عباد اللَّه المذكورين في قوله: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ}[الإسراء: ٦٥]، والضِّعْفُ هو من الألفاظ المتضايفة التي يقتضي وجود أحدهما وجود الآخر، كالنّصف والزّوج، وهو تركَّب قدرين متساويين، ويختصّ بالعدد، فإذا قيل: أَضْعَفْتُ الشيءَ، وضَعَّفْتُه، وضَاعَفْتُه: ضممت إليه مثله فصاعدا. قال بعضهم: ضَاعَفْتُ أبلغ من ضَعَّفْتُ(١)، ولهذا قرأ أكثرهم: {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ}[الأحزاب: ٣٠]، {وإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها}[النساء: ٤٠]، وقال: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَه عَشْرُ أَمْثالِها}[الأنعام: ١٦٠]، والمُضَاعَفَةُ على قضيّة هذا القول تقتضي أن يكون عشر أمثالها، وقيل: ضَعَفْتُه بالتّخفيف ضَعْفاً، فهو مَضْعُوفٌ، فَالضَّعْفُ مصدرٌ، والضِّعْفُ اسمٌ، كالثَّنْيِ والثِّنْيِ(٢)، فَضِعْفُ الشيءِ هو الَّذي يُثَنِّيه، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله، نحو أن يقال: ضِعْفُ العشرةِ، وضِعْفُ المائةِ، فذلك عشرون ومائتان بلا خلاف، وعلى هذا قول الشاعر:
  ٢٩٣ - جزيتك ضِعْفَ الوِدِّ لمّا اشتكيته ... وما إن جزاك الضِّعف من أحد قبلي(٣)
  وإذا قيل: أعطه ضِعْفَيْ واحدٍ، فإنّ ذلك اقتضى الواحد ومثليه، وذلك ثلاثة، لأن معناه الواحد واللَّذان يزاوجانه وذلك ثلاثة، هذا إذا كان الضِّعْفُ مضافا، فأمّا إذا لم يكن مضافا فقلت: الضِّعْفَيْنِ فإنّ ذلك يجري مجرى الزّوجين في أنّ كلّ واحد منهما يزاوج الآخر،
(١) وهذا قول أبي عمرو بن العلاء، فقد قال مكيّ: إنّ أبا عمرو حكى أنّ «ضاعفت» أكثر من «ضعّفت»، لأنّ «ضعّفت» معناه مرتان، وحكى أنّ العرب تقول: ضعّفت درهمك أي: جعلته درهمين، وتقول: ضاعفته، أي: جعلته أكثر من درهمين.
واللَّه يعطي الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. انظر: الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٣٠٠.
(٢) انظر: البصائر ٣/ ٤٧٨.
(٣) البيت لأبي ذويب الهذلي في ديوان الهذليين ١/ ٣٥، واللسان (ضعف)، والبصائر ٣/ ٤٧٨.