مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عصا

صفحة 570 - الجزء 1

  المعنى المقصود بذلك، وذلك أنّ العَاصِمَ والمَعْصُومَ يتلازمان، فأيّهما حصل حصل معه الآخر. قال: {ما لَكُمْ مِنَ الله مِنْ عاصِمٍ}⁣[غافر: ٣٣]، والاعْتِصَامُ: التّمسّك بالشيء، قال: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً}⁣[آل عمران: ١٠٣]، {ومَنْ يَعْتَصِمْ بِالله}⁣[آل عمران: ١٠١]، واسْتَعْصَمَ: استمسك، كأنّه طلب ما يَعْتَصِمُ به من ركوب الفاحشة، قال: {فَاسْتَعْصَمَ}⁣[يوسف: ٣٢]، أي: تحرّى ما يَعْصِمُه، وقوله: {ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ}⁣[الممتحنة: ١٠]، والعِصَامُ: ما يُعْصَمُ به. أي:

  يشدّ، وعِصْمَةُ الأنبياءِ: حِفْظُه إيّاهم أوّلا بما خصّهم به من صفاء الجوهر، ثم بما أولاهم من الفضائل الجسميّة، ثمّ بالنّصرة وبتثبّت أقدامهم، ثمّ بإنزال السّكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتّوفيق، قال تعالى: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}⁣[المائدة: ٦٧]. والعِصْمَةُ: شِبْه السِّوَارِ، والمِعْصَمُ: موضعها من اليد، وقيل للبياض بالرّسغ: عِصْمَةٌ تشبيها بالسّوار، وذلك كتسمية البياض بالرّجل تحجيلا، وعلى هذا قيل: غراب أَعْصَمُ.

عصا

  العَصَا أصله من الواو، لقولهم في تثنيته:

  عَصَوَانِ، ويقال في جمعه: عِصِيٌّ. وعَصَوْتُه:

  ضربته بالعَصَا، وعَصَيْتُ بالسّيف. قال تعالى: {وأَلْقِ عَصاكَ}⁣[النمل: ١٠]، {فَأَلْقى عَصاه}⁣[الأعراف: ١٠٧]، {قالَ هِيَ عَصايَ}⁣[طه: ١٨]، {فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وعِصِيَّهُمْ}⁣[الشعراء: ٤٤]. ويقال: ألقى فلانٌ عَصَاه: إذا نزل، تصوّرا بحال من عاد من سفره، قال الشاعر:

  ٣٢١ - فألقت عَصَاهَا واستقرّت بها النّوى⁣(⁣١)

  وعَصَى عِصْيَاناً: إذا خرج عن الطاعة، وأصله أن يتمنّع بِعَصَاه. قال تعالى: {وعَصى آدَمُ رَبَّه}⁣[طه: ١٢١]، {ومَنْ يَعْصِ الله ورَسُولَه}⁣[النساء: ١٤]، {آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ}⁣[يونس: ٩١]. ويقال فيمن فارق الجماعة: فلان شقّ العَصَا⁣(⁣٢).

عض

  العَضُّ: أَزْمٌ بالأسنان. قال تعالى: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنامِلَ}⁣[آل عمران: ١١٩]، {ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ}⁣[الفرقان: ٢٧]، وذلك عبارة عن النّدم لما جرى به عادة الناس أن يفعلوه عند


(١) هذا شطر بيت لمعقر بن حمار البارقي، هذا هو الأشهر، وقيل: لغيره، وعجزه:

كما قرّ عينا بالإياب المسافر

وهو في مجمع الأمثال ١/ ٣٦٤، ومعجم الشعراء ص ٩٢، والحماسة البصرية ١/ ٧٦.

(٢) انظر: مجمع الأمثال ١/ ٣٦٤.