مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

مقدمة المؤلف

صفحة 53 - الجزء 1

  

مقدّمة المؤلف

  [أعبد اللَّه وأحمده، وأذكره وأشكره، الحمد للَّه ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة على خير خلقه، ومظهر حقّه، محمّد خاتم النبيين، وسيد المرسلين، ومؤمّل الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه أجمعين]⁣(⁣١). قال الشيخ أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب |:

  أسأل اللَّه أن يجعل لنا من أنواره نورا يرينا الخير والشر بصورتيهما، ويعرّفنا الحق والباطل بحقيقتيهما، حتى نكون ممّن يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، ومن الموصوفين بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[الفتح: ٤]، وبقوله: {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه}⁣[المجادلة: ٢٢].

  كنت قد ذكرت في «الرسالة المنبهة على فوائد القرآن»⁣(⁣٢) [أنّ اللَّه تعالى كما جعل النبوّة بنبوة نبيّنا مختتمة، وجعل شرائعهم بشريعته من وجه منتسخة، ومن وجه مكمّلة متمّمة كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}⁣[المائدة: ٣]، جعل كتابه المنزّل عليه متضمّنا لثمرة كتبه، التي أولاها أوائل الأمم، كما نبّه عليه بقوله تعالى: {يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}⁣[البينة: ٢ - ٣]، وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه - مع قلَّة الحجم - متضمّن للمعنى الجمّ، وبحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه، كما نبّه عليه بقوله تعالى: {ولَوْ أَنَّ ما فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ والْبَحْرُ يَمُدُّه مِنْ بَعْدِه سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}⁣[لقمان: ٢٧].


(١) ما بين [] زيادة من المحمودية.

(٢) لم نعثر عليها. وما بين القوسين نقله السيوطي عن الراغب في كتابه «معترك الأقران» ١/ ٢٢، والإتقان ٢/ ١٦٣.