مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كفر

صفحة 714 - الجزء 1

  التي هي الجمادات من الأرض والماء وغير ذلك. والكِفَاتُ، قيل: هو الطَّيران السّريع، وحقيقته: قبض الجناح للطَّيران، كما قال: {أَولَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ ويَقْبِضْنَ}⁣[الملك: ١٩] فالقبض هاهنا كالكفات هناك.

  والكَفْتُ: السّوق الشّديد، واستعمال الكفت في سوق الإبل كاستعمال القبض فيه، كقولهم:

  قبض الرّاعي الإبل، وراعي قبضة، وكَفَتَ اللَّه فلانا إلى نفسه، كقولهم: قبضه، وفي الحديث:

  «اكْفِتُوا صبيانكم بالليل»⁣(⁣١).

كفر

  الكُفْرُ في اللَّغة: ستر الشيء، ووصف الليل بِالْكَافِرِ لستره الأشخاص، والزّرّاع لستره البذر في الأرض، وليس ذلك باسم لهما كما قال بعض أهل اللَّغة لمّا سمع:

  ٣٨٧ - ألقت ذكاء يمينها في كافر⁣(⁣٢)

  والْكَافُورُ: اسم أكمام الثّمرة التي تَكْفُرُهَا، قال الشاعر:

  ٣٨٨ - كالكرم إذ نادى من الكَافُورِ⁣(⁣٣)

  وكُفْرُ النّعمة وكُفْرَانُهَا: سترها بترك أداء شكرها، قال تعالى: {فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِه}⁣[الأنبياء: ٩٤]. وأعظم الكُفْرِ: جحود الوحدانيّة أو الشريعة أو النّبوّة، والكُفْرَانُ في جحود النّعمة أكثر استعمالا، والكُفْرُ في الدّين أكثر، والكُفُورُ فيهما جميعا قال: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً}⁣[الإسراء: ٩٩]، {فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً}⁣[الفرقان: ٥٠] ويقال منهما: كَفَرَ فهو كَافِرٌ. قال في الكفران: {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ومَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِه ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}⁣[النمل: ٤٠]، وقال: {واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ}⁣[البقرة: ١٥٢]، وقوله: {وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ}⁣[الشعراء: ١٩] أي: تحرّيت كفران نعمتي، وقال: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ}⁣[إبراهيم: ٧] ولمّا كان الكفران يقتضي جحود النّعمة صار يستعمل في الجحود، قال: {ولا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِه}⁣[البقرة: ٤١] أي: جاحد له وساتر، والكَافِرُ على


(١) عن جابر رفعه قال: «خمّروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب، واكفتوا صبيانكم عند المساء، فإن للجن انتشارا وخطفة» أخرجه البخاري في الأشربة ١٠/ ٨٨، والاستئذان، وانظر: شرح السنة ١١/ ٣٩١.

(٢) هذا عجز بيت لثعلبة بن صعير المازني، وشطره:

فتذكّرت ثقلا رثيدا بعد ما

وهو من مفضليته التي مطلعها:

هل عند عمرة من بتات مسافر ... ذي حاجة متروّح أو باكر

والبيت في المفضليات ص ١٣٠، واللسان (كفر)، والأفعال ٢/ ١٧٤.

(٣) الرجز للعجاج، وهو في اللسان (كفر)، وتهذيب اللغة ١٠/ ٢٠١.