مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

لام

صفحة 755 - الجزء 1

  يحذف. كقوله: {يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}⁣[النساء: ٢٦]، {فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَه يَشْرَحْ صَدْرَه لِلإِسْلامِ ومَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّه يَجْعَلْ صَدْرَه ضَيِّقاً}⁣[الأنعام: ١٢٥] فأثبت في موضع وحذف في موضع.

  الثاني: للملك والاستحقاق، وليس نعني بالملك ملك العين بل قد يكون ملكا لبعض المنافع، أو لضرب من التّصرّف. فملك العين نحو: {ولِلَّه مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ}⁣[المائدة: ١٨]، {ولِلَّه جُنُودُ السَّماواتِ والأَرْضِ}⁣[الفتح: ٧]. وملك التّصرّف كقولك لمن يأخذ معك خشبا: خذ طرفك لآخذ طرفي، وقولهم: للَّه كذا. نحو: للَّه درّك، فقد قيل: إن القصد أنّ هذا الشيء لشرفه لا يستحقّ ملكه غير اللَّه، وقيل: القصد به أن ينسب إليه إيجاده. أي: هو الذي أوجده إبداعا، لأنّ الموجودات ضربان:

  ضرب أوجده بسبب طبيعيّ أو صنعة آدميّ.

  وضرب أوجده إبداعا كالفلك والسماء ونحو ذلك، وهذا الضرب أشرف وأعلى فيما قيل.

  ولَامُ الاستحقاق نحو قوله: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}⁣[الرعد: ٢٥]، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}⁣[المطففين: ١] وهذا كالأول لكن الأول لما قد حصل في الملك وثبت، وهذا لما لم يحصل بعد ولكن هو في حكم الحاصل من حيثما قد استحقّ. وقال بعض النحويين: اللَّامُ في قوله: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ}⁣[الرعد: ٢٥] بمعنى «على»⁣(⁣١) أي: عليهم اللَّعنة، وفي قوله: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ}⁣[النور: ١١] وليس ذلك بشيء، وقيل: قد تكون اللَّامُ بمعنى «إلى» في قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها}⁣[الزلزلة: ٥] وليس كذلك، لأنّ الوحي للنّحل جعل ذلك له بالتّسخير والإلهام، وليس ذلك كالوحي الموحى إلى الأنبياء، فنبّه باللام على جعل ذلك الشيء له بالتّسخير. وقوله: {ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً}⁣[النساء: ١٠٥] معناه: لا تخاصم الناس لأجل الخائنين، ومعناه كمعنى قوله: {ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ}⁣[النساء: ١٠٧] وليست اللام هاهنا كاللام في قولك: لا تكن للَّه خصيما، لأنّ اللام هاهنا داخل على المفعول، ومعناه: لا تكن خصيم اللَّه.

  الثالث: لَامُ الابتداء. نحو: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى}⁣[التوبة: ١٠٨]، {لَيُوسُفُ وأَخُوه أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا}⁣[يوسف: ٨]، {لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً}⁣[الحشر: ١٣].

  الرابع: الداخل في باب إنّ، إما في اسمه إذا تأخّر. نحو: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً}⁣[آل عمران: ١٣] أو في خبره. نحو: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ}⁣[الفجر: ١٤]،


(١) انظر: كتاب اللامات للهروي ص ٤٢.