أم
  وقوله تعالى: {لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ}[آل عمران: ١١٣] أي: جماعة، وجعلها الزجاج هاهنا للاستقامة، وقال: تقديره:
  ذو طريقة واحدة(١)، فترك الإضمار أولى.
  والأُمِّيُّ: هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وعليه حمل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}[الجمعة: ٢] قال قطرب: الأُمِّيَّة: الغفلة والجهالة، فالأميّ منه، وذلك هو قلة المعرفة، ومنه قوله تعالى: {ومِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ}[البقرة: ٧٨] أي: إلا أن يتلى عليهم.
  قال الفرّاء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب، و {النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ}[الأعراف: ١٥٧] قيل: منسوب إلى الأمّة الذين لم يكتبوا، لكونه على عادتهم كقولك: عامّي، لكونه على عادة العامّة، وقيل: سمي بذلك لأنه لم يكن يكتب ولا يقرأ من كتاب، وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه، واعتماده على ضمان اللَّه منه بقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى}[الأعلى: ٦]. وقيل: سمّي بذلك لنسبته إلى أمّ القرى.
  والإِمام: المؤتمّ به، إنسانا كأن يقتدى بقوله أو فعله، أو كتابا، أو غير ذلك محقّا كان أو مبطلا، وجمعه: أئمة. وقوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ}[الإسراء: ٧١] أي: بالذي يقتدون به، وقيل: بكتابهم(٢)، وقوله: {واجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً}[الفرقان: ٧٤]. قال أبو الحسن: جمع آم(٣)، وقال غيره: هو من باب درع دلاص، ودروع دلاص(٤)، وقوله: {ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً}[القصص: ٥] وقال: {وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}[القصص: ٤١] جمع إمام.
  وقوله تعالى: {وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناه فِي إِمامٍ مُبِينٍ}[يس: ١٢] فقد قيل: إشارة إلى اللوح المحفوظ، والأَمُّ: القصد المستقيم، وهو التوجه نحو مقصود، وعلى ذلك: {ولَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ}[المائدة: ٢] وقولهم: أَمَّه: شجّه، فحقيقته إنما هو أن يصيب أمّ دماغه، وذلك على حدّ ما يبنون من إصابة الجارحة لفظ فعلت منه(٥)، وذلك نحو: رأسته، ورجلته، وكبدته،
(١) معاني القرآن ١/ ٤٥٨.
(٢) انظر: الغريبين ١/ ٩٥.
(٣) أبو الحسن الأخفش، وقال: الإمام هاهنا جماعة، كما قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} راجع: معاني القرآن للأخفش ٢/ ٤٢٣.
(٤) قال في اللسان: ودرع دلاص: برّاقة ملساء لينة، والجمع دلص، وقد يكون الدلاص جمعا مكسّرا.
ويقال: درع دلاص، وأدرع دلاص، للواحد والجمع على لفظ واحد.
(٥) وفي ذلك يقول شيخنا حفظه اللَّه:
فعل صوغها من الأعيان ... مطَّرد عند ذوي الأذهان
نحو ظهرته كذا رقبته ... وقس كذلك إلى يددته