مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

خلق

صفحة 296 - الجزء 1

  المرأة لتخلَّفها عن المرتحلين، وجمعها خَوَالِف، قال: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ}⁣[التوبة: ٨٧]، ووجدت الحيّ خَلُوفاً، أي:

  تخلَّفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف: حدّ الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف، وما تخلَّف من الأضلاع إلى ما يلي البطن، والخِلَافُ:

  شجر كأنّه سمّي بذلك لأنّه فيما يظنّ به، أو لأنّه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله:

  مخلف عام، ومخلف عامين. وقال عمر ¥: (لولا الخِلِّيفَى لأذّنت)⁣(⁣١) أي:

  الخلافة، وهو مصدر خلف.

خلق

  الخَلْقُ أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشّيء من غير أصل ولا احتذاء، قال: {خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ}⁣[الأنعام: ١]، أي: أبدعهما، بدلالة قوله: {بَدِيعُ السَّماواتِ والأَرْضِ}⁣[البقرة: ١١٧]، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ}⁣[النساء: ١]، {خَلَقَ الإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ}⁣[النحل: ٤]، {خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ}⁣[المؤمنون: ١٢]، {ولَقَدْ خَلَقْناكُمْ}⁣[الأعراف: ١١]، {خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ}⁣[الرحمن: ١٥]، وليس الخَلْقُ الذي هو الإبداع إلَّا للَّه تعالى، ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}⁣[النحل: ١٧]، وأمّا الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله اللَّه تعالى لغيره في بعض الأحوال، كعيسى حيث قال: {وإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي}⁣[المائدة: ١١٠]، والخلق لا يستعمل في كافّة النّاس إلا على وجهين: أحدهما في معنى التّقدير كقول الشاعر:

  ١٤٩ - فلأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري⁣(⁣٢)

  والثاني: في الكذب نحو قوله: {وتَخْلُقُونَ إِفْكاً}⁣[العنكبوت: ١٧]، إن قيل: قوله تعالى: {فَتَبارَكَ الله أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}⁣[المؤمنون: ١٤]، يدلّ على أنّه يصحّ أن يوصف غيره بالخلق؟ قيل: إنّ ذلك معناه: أحسن المقدّرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون


(١) قال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث عمر: (لو أطقت الأذان مع الخلَّيفى لأذّنت).

الخلَّيفى بالكسر والتشديد: الخلافة، وهو وأمثاله مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة، وتصريف أعنّتها. النهاية ٢/ ٦٩، ورواه أبو الشيخ في الأذان والبيهقي، راجع: المقاصد الحسنة ص ٣٤٨.

(٢) البيت لزهير من قصيدة مطلعها:

لمن الديار بقنّة الحجر ... أقوين من حجج ومن شهر

وهو في ديوانه ص ٢٩، وديوان الأدب ٢/ ١٢٣.