مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

دعا

صفحة 315 - الجزء 1

  {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}⁣[الطور: ١٣]، وقوله: {فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}⁣[الماعون: ٢]، قال الشاعر:

  ١٥٨ - دَعَّ الوصيّ في قفا يتيمه⁣(⁣١)

دعا

  الدُّعَاء كالنّداء، إلَّا أنّ النّداء قد يقال بيا، أو أيا، ونحو ذلك من غير أن يضمّ إليه الاسم، والدُّعَاء لا يكاد يقال إلَّا إذا كان معه الاسم، نحو: يا فلان، وقد يستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر. قال تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً}⁣[البقرة: ١٧١]، ويستعمل استعمال التسمية، نحو: دَعَوْتُ ابني زيدا، أي: سمّيته، قال تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}⁣[النور: ٦٣]، حثّا على تعظيمه، وذلك مخاطبة من كان يقول: يا محمد، ودَعَوْتَه: إذا سألته، وإذا استغثته، قال تعالى: {قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ}⁣[البقرة: ٦٨]، أي: سله، وقال: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ الله أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ الله تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاه تَدْعُونَ}⁣[الأنعام: ٤٠ - ٤١]، تنبيها أنّكم إذا أصابتكم شدّة لم تفزعوا إلَّا إليه، {وادْعُوه خَوْفاً وطَمَعاً}⁣[الأعراف: ٥٦]، {وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}⁣[البقرة: ٢٣]، {وإِذا مَسَّ الإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّه مُنِيباً إِلَيْه}⁣[الزمر: ٨]، {وإِذا مَسَّ الإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِه}⁣[يونس: ١٢]، {ولا تَدْعُ مِنْ دُونِ الله ما لا يَنْفَعُكَ ولا يَضُرُّكَ}⁣[يونس: ١٠٦]، وقوله: {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً}⁣[الفرقان: ١٤]، هو أن يقول: يا لهفاه، ويا حسرتاه، ونحو ذلك من ألفاظ التأسّف، والمعنى: يحصل لكم غموم كثيرة. وقوله: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ}⁣[البقرة: ٦٨]، أي: سله. والدُّعاءُ إلى الشيء: الحثّ على قصده {قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْه}⁣[يوسف: ٣٣]، وقال: {والله يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ}⁣[يونس: ٢٥]، وقال: {يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِالله وأُشْرِكَ بِه}⁣[غافر: ٤١ - ٤٢]، وقوله: {لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْه لَيْسَ لَه دَعْوَةٌ}⁣[غافر: ٤٣]، أي: رفعة وتنويه.

  والدَّعْوَةُ مختصّة بادّعاء النّسبة⁣(⁣٢)، وأصلها للحالة التي عليها الإنسان، نحو: القعدة والجلسة.


(١) الرجز لأبي نواس في ديوان المعاني ١/ ٣٥٧، وهو بتمامه:

يدعّه بضفتي حيزومه ... دعّ الوصيّ جانبي يتيمه

وهو في ربيع الأبرار ١/ ٤٩، وتفسير الماوردي، ٤/ ١١٢، وإعراب ثلاثين سورة ص ٢٠٤.

(٢) قال ابن فارس: والدّعوة في النسب بالكسر. قال أبو عبيدة: يقال في النسب دعوة، بالكسر، وإلى الطعام دعوة، بالفتح. انظر: المجمل ٢/ ٣٢٦.