مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عجف

صفحة 548 - الجزء 1

  حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا}⁣[العنكبوت: ٤]، و «مُعَجِّزِينَ»: يَنسُبُون إلى العَجْزِ مَن تَبِعَ النبيَّ ، وذلك نحو: جهّلته وفسّقته، أي: نسبته إلى ذلك. وقيل معناه:

  مثبّطين، أي: يثبّطون الناس عن النبيّ (⁣١)، كقوله: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله}⁣[الأعراف: ٤٥]، والعَجُوزُ سمّيت لِعَجْزِهَا في كثير من الأمور. قال تعالى: {إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ}⁣[الصافات: ١٣٥]، وقال: {أَأَلِدُ وأَنَا عَجُوزٌ}⁣[هود: ٧٢].

عجف

  قال تعالى: {سَبْعٌ عِجافٌ}⁣[يوسف: ٤٣]، جمعُ أَعْجَفَ، وعَجْفَاءَ، أي: الدّقيق من الهُزال، من قولهم: نصلٌ أَعْجَفُ: دقيق، وأَعْجَفَ الرّجلُ: صارت مواشيه عِجَافاً، وعَجَفَتْ نفسي عن الطَّعام، وعن فلان أي: نبت عنهما.

عجل

  العَجَلَةُ: طلب الشيء وتحرّيه قبل أوانه، وهو من مقتضى الشّهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامّة القرآن حتى قيل: «العَجَلَةُ من الشّيطان»⁣(⁣٢). قال تعالى: {سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ}⁣[الأنبياء: ٣٧]، {ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ}⁣[طه: ١١٤]، {وما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ}⁣[طه: ٨٣]، {وعَجِلْتُ إِلَيْكَ}⁣[طه: ٨٤]، فذكر أنّ عَجَلَتَه - وإن كانت مذمومة - فالذي دعا إليها أمر محمود، وهو طلب رضا اللَّه تعالى. قال تعالى: {أَتى أَمْرُ الله فَلا تَسْتَعْجِلُوه}⁣[النحل: ١]، {ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ}⁣[الرعد: ٦]، {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}⁣[النمل: ٤٦]، {ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ}⁣[الحج: ٤٧]، {ولَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ}⁣[يونس: ١١]، {خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ}⁣[الأنبياء: ٣٧]، قال بعضهم: من حمأ⁣(⁣٣)، وليس بشيء بل تنبيه على أنه لا يتعرّى من ذلك، وأنّ ذلك


(١) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٢٣.

(٢) عن أنس بن مالك عن النبي قال: «التأني من اللَّه، والعجلة من الشيطان، وما أحد أكثر معاذير من اللَّه، وما من شيء أحبّ إلى اللَّه من الحمد». أخرجه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الترمذي بلفظ: «الأناة من اللَّه، والعجلة من الشيطان» وقال: حسن غريب. انظر: عارضة الأحوذي ٨/ ١٧٢، ومجمع الزوائد ٨/ ٢٢، وكشف الخفاء ١/ ١٩٥.

(٣) قال اليزيدي: روي عن ابن عباس أنه قال: العجل: الطين، وأنشدوا هذا البيت:

النبع في الصخرة الصماء منبته ... والنخل منبته في السهل والعجل

انظر: غريب القرآن وتفسيره ص ٢٥٤.