الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[الرد على النواصب العثمانية في تفضيل غيره عليه]

صفحة 102 - الجزء 1

  يتنافيان، فإذا اتفق ذلك فالواجب ما كان يفعله # من إيثار الدين، والعدل في سياسة الدنيا، وأسباب تلك الفتن كلها معلومة، وكان # عارفاً بها وبمداواتها بما تقتضيه سياسة الدنيا، وكان # يذكرها ويبين أن الدين يمنعه عنها، ألا ترى حين أشير عليه بإقرار معاوية على عمله، فقال: (ما كنت متخذ المضلين عضداً) وإلى قوله حين أشير إليه يمنع طلحة و الزبير عن الخروج حين استأذناه في العمرة قال: (ما العمرة تريدان، ولكني لا أمنعهما عن أمر ظاهره طاعة الله تعالى)، ولما قيل في أمر بن ملجم لعنه الله تعالى ما قيل، قال: (لا نقتل غير قاتلنا) فقيل: فاحبسه، قال: (ما ظهر منه ما يستوجب الحبس) وقد قال # في بعض خطبه ما يزيل كل شبهة في هذا الباب، وهو قوله #: (لولا إيثار التقوى لكنت أدهى العرب، وأيم الله ما غدر من عرف كيف العواقب، قد يرى الحُوَّلُ القُلَّبُ وجهَ الحِيلَةِ ودونها حاجز من أمر الله تعالى فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين، ويجد على ذلك أعواناً غير مستبصرين، ولا ترتاب في مثل هذا إلا الجاهلون.

  وأما اختصاصه # في أمر الجهاد بما لم يختص به أحد منهم: فظهور الحال فيه يغني عن شرحه، وقد أوردنا فيما تقدم من بيان هذا الفصل ما لا يحتج إلى إعادته، فإذا أثبتت هذه الجملة فقد صح ما ذهبنا إليه من أنه # قد جمع خصال الفضل جميعها، واختص بها على حد لم يشاركه فيه أحد منهم، فوجب الحكم بتفضيله على جماعتهم.