فصل: في تفضيل الحسن والحسين @ على سائر الصحابة بعد أمير المؤمنين #
فصل: في تفضيل الحسن والحسين @ على سائر الصحابة بعد أمير المؤمنين #
  الذي يدل على ذلك: ما بيناه فيما تقدم من أن المجاهد أفضل ممن ليس بمجاهد، وأن ثواب الجهاد أعظم من ثواب سائر الطاعات، وقد كان منهما @ بعد أبيهما # من القيام بأمر الجهاد والإنتصاب له، وبذل النفس فيه مع شدة الحاجة إلى قتال أهل البغي في تلك الحال خصوصاً وإزالة الشبهة في أمرهم، ما لم يكن لأحد من الصحابة، لأن الحسن # جهز الجيوش وجمعهم ودعاهم إلى قتال معاوية لعنه الله تعالى، وسار نحوه قاصداً لقتاله ودفعه، إلى أن اتفق من اضطراب أصحابه وتخاذلهم وكفهم عن نصرته، واستيمان صاحب جيشه الذي أنفذه على مقدمته إلى معاوية ما اتفق، وأدت الحال إلى أن خرج # ونهب ما في مضربه، واضطر # إلى الكف والمهادنة عند عدم النصرة وفقد المعونة، وقد حصل له # من ثواب المجاهدين ما لم يحصل لأحد من الناس في تلك الحال، وأما الحسين # فشهرة أمره تغني عن ذكره.
  فإن قال قائل: كيف يكون الحسن # مجاهداً وقد كف عن الجهاد والقتال؟.
  قيل له: ليس الجهاد هو مباشرة الحرب فقط، بل قد يكون المجاهد مجاهداً وإن لم يباشر القتال، لأن من قصد العدو عازماً على قتاله، وتحمل ما تعرض له من الشدائد في ذلك، وسار نحوه وصمد لحربه، وتجرد لذلك فهو مجاهد، وإن قطع دون مباشرة الحرب قواطع.
  ألا ترى أن المسلمين إذا ساروا نحو الكفار قاصدين لمحاربتهم على الشرائط التي قد ورد الشرع بها، ثم مات بعضهم قبل اشتباك الحرب لكان هذا من المجاهدين، وإن لم يباشر الحرب، وكذلك لو لم يثبت الكفار ولم يحاربوا وانهزموا لكان الذين قصدهم من المسلمين مجاهدين، فثبت بما بيناه أن الجهاد ليس هو مباشرة الحرب فقط.
  فإن قال قائل: لم كف # عن الحرب مع كثرة جيشه وحرصهم على قتال عدوه؟.
  قيل له: لما بيناه من تخاذل أصحابه وقعودهم عن نصرته، حتى أن ابن عم أبيه، وأخص الناس به ومن أنفذه على مقدمته معتمداً عليه في أمره، خالفه واستأمن إلى عدوه، فلما سمع بذلك من