الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في تفضيل الحسن والحسين @ على سائر الصحابة بعد أمير المؤمنين #

صفحة 104 - الجزء 1

  كان في عسكره اضطربوا، وكان في جملتهم قوم من الخوارج فطغوا وانتهبوا جميع ما في مضربه، فلما خشي على نفسه وغلب على ظنه العجز عن مقاومة القوم لقلة أنصاره، إذ لم يكن من أصحابه من يوثق به غير قيس بن سعد، وعلم أن الأمر لا يتم به وحده لزمه # أن يعدل إلى ما إليه عدل من الصلح والكف عن القتال.

  فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون نفر من الصحابة الذين كانوا في ذلك الوقت وهم الذين أسلموا قبل الفتح منها لإخبار الله تعالى بأن الذين أنفقوا قبل الفتح وقاتلوا أفضل من غيرهم؟.

  قيل له: هؤلاء طبقات:

  منهم أصحاب أمير المؤمنين # ومن بقي منهم بعده # فهو من أصحابهما، وهم الذين تابعوا الحسن # وساروا تحت رايته، وهؤلاء فالمعلوم من حالهم التدين بتفضيل الحسن والحسين @ على أنفسهم وعلى الجماعة وتقديمهما.

  وأما طبقة أخرى فقد وقع منها من المعصية العظيمة ما أبطل ثوابهم، وهي مخالفة أمير المؤمنين وقعودهم عنه حتى أدى ذلك إلى ضرر عظيم في الإسلام، لأن قعودهم صار شبهة على كثير من الناس في أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله مع معاوية لعنه الله وهم باقون إلى الآن وكان أوكد الأسباب في قوة معاوية لعنه الله و تمكنه هو قعود هؤلاء عن القتال له، وهذا الذي حكينا من فعلهم يدل على أنهم غير مرادين بالآية، أو أريدوا بها بشرط سلامة الأحوال.

  فإن قال: ما أنكرتم أن تكون الدلالة التي ذكرتموها إنما تدل على كونهما أفضل الجماعة في حال الجهاد، فمن أين لكم أنهما كانا أفضل قبل ذلك الحال؟.

  قيل له: لأن أحداً لم يفصل بين الحالين، فكل من قال بتفضيلهما في هذه الحال فإنه يذهب إلى تفضيلهما بعد أبيهما $ على الجماعة، والقول بأنهما أفضل الجماعة في تلك الحال ساقط بالإجماع.