فصل في بيان المنصب المعتبر في باب الإمامة
فصل في بيان المنصب المعتبر في باب الإمامة
  الذي يجب أن يحصل في هذا الباب أن الإمامة تنقسم قسمين:
  أحدهما: طريق ثبوته والعلم به النص المتناول للعين على وجه يفضي إلى أن المراد به عند ضرب من الإستدلال والإستنباط، كنص رسول الله صلى الله عليه وآله على أمير المؤمنين والحسن والحسين $، وهذا القسم لا يحتاج فيه إلى اعتبار المنصب، وإنما يحتاج فيه مراعاة النص المتناول للغير لأن النص قد أغنانا عن طلب المنصب.
  والقسم الثاني: طريق ثبوته ومعرفته الدعوة مع اجتماع الأوصاف المخصوصة في الداعي، فهذا القسم لا بد فيه من اعتبار منصب مخصوص، وهو أن يكون الداعي إلى إمامته والتزام طاعته من ولد الحسن والحسين $ أباً وأماً، أو من قبل الأب.
  والذي يدل على أن المنصب ما ذكرناه: أن الدلالة قد دلت على أن الإمامة لا بد فيها من منصب مخصوص، وبطل قول من لا يراعي ذلك، إما من حيث يذهب إلى ورود النص الجلي على أعيان جميع الأمة كالنص الذي تدعيه الإمامية، أو من حيث يجوز الإمامة في أفناء الناس ولا يجعلها مقصورة على بطن مخصوص، وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون المنصب معلوماً من جهة الشرع، والمنصب الذي دل عليه الدليل الشرعي هو ما ذكرناه دون غيره، لأنه لا خلاف بين من يعتبر المنصب، ولا يقول بالقولين الذين دل الدليل على فسادهما - من قول أصحاب النص، وقول ضرار - أن النص يصلح في هذين البطنين، وإذا ثبت هذه الجملة وجب أن يكون منصب الإمامة هو ما ذهبنا إليه دون غيره، لورود الشرع فيه دون ما سواه.
  فإن قال قائل: لم قلتم إن حصول الإجماع على جواز الإمامة في هذا البطن المخصوص على الوجه الذي ذكرتموه يقتضي كونه منصباً حتى لا يجوز الإمامة في غيره؟. وما أنكرتم أن يكون جواز الإمامة معلوماً فيهم بالإجماع وأن نعلم أيضا جوازها في غيرهم بدلالة أخرى؟.
  قيل له: لو ورود الشرع بجوازها في غيرهم لم نمنع من ذلك، ولما لم يوجد في هذا الباب دليل شرعي سوى ما ذكرنا حكمنا بأن هذا البطن المخصوص هو منصب الإمامة.