[شبهة الإمامية: أن الإمام زيد دعى إلى الرضا من آل محمد]
  ومن عجيب أمرهم الدال على سخافة العقل وسوء التمييز والتحصيل ادعاؤهم ما يعلم ضرورة خلافه من أن زيداً # لم يدع الإمامة لنفسه، وإنما كان يدعو إلى جعفر #، وهذه دعوى قد أغنى العلم الضروري بفسادها عن إقامة الدلالة على بطلانها، وهي جنس ما ادعاه بعض الناس من أن أبا بكر وعمر إنما وليا من جهة أمير المؤمنين # فلذلك نصوبهما، ثم لا فصل بين ما قالوه وبين قول من ادعى أن أمير المؤمنين # والحسن والحسين $ لم يدعو الإمامة لأنفسهم، وأن أحداً من الخلفاء لم يدع الأمر لنفسه وإنما كان يدعو إلى غيره، ولولا أنني رأيت كثيراً من الضعفاء بهذا القول اغتروا لما استجزت إيراده استخفافاً به، فإن من حق مثله أن تنزه الأسماع والكتب عن ذكره.
[شبهة الإمامية: أن الإمام زيد دعى إلى الرضا من آل محمد]
  وإذا قيل لهم: من أين وقع لكم هذا الذي تذهبون إليه؟.
  قالوا: لأن زيداً # إنما دعى إلى الرضى من آل رسول الله صلى الله عليهم ولم يدع إلى نفسه، ولأنا روينا عن جعفر # أنه قال: (إن عمي زيداً ادعى إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وآله وهو يعلم من الرضى، ولو تم أمره لوفى)، ولأن زيداً # قال: (من أراد السيف فإليَّ، ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر) وإذ قد جعلوا هذه الأمور التي ذكروها من جملة الشبه فنحن نبين الكلام فيها.
  أما قول زيد بن علي أدعوكم إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وآله: فليس هو إيهام ما ظنه القوم من أنه كان لا يدعو إلى نفسه، وإنما أتي القوم في هذا الباب لجهلهم بعرف الخلافات للخلفاء والأئمة والدعاة، لأن عادتهم جارية بأن يقول الواحد منهم أمير المؤمنين يأمرك بكذا وكذا وينهاك عن كذا وكذا، وإنما يريد نفسه دون غيره، ويقول لرعيته أطيعوا الإمام الذي أوجب الله عليكم طاعته، وإنما يدعون طاعة إمام الحق الذي لزمتكم بيعته، ولا يعني بذلك غير نفسه، هذه عادة لهم مستمرة معروفه، يجرى # في إطلاق ما أطلقه على هذه الطريقة، فقال: (أدعوكم إلى الرضا من آل