[تفرد علي # بخصال لم يشاركه فيها غيره]
  من مباشرة غيره للحرب، وأجبنا عن ذلك أيضاً بأنه ليس طريق معرفة فضل رسول الله صلى الله عليه وآله على الخلق أجمعين ظواهر أفعاله، والتعلق بها ظاهر السقوط.
  وأما قوله: إن مكافحة الأقران قد يكون لوجوه سوى التقرب على الله تعالى وهي الأقسام التي ذكرها: فليت شعري إلى أي قسم من هذه الأقسام يصرف هذا المتعدي مجاهدة أمير المؤمنين ~ وعلى آله وسلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وإلى أيها صرف ذلك فلقد رد على رسول الله ÷ ما علم من دينه ضرورة، وما علم من دين جماعة المسلمين، لأن المعلوم من حال رسول الله ÷ من تعظيم أمير المؤمنين # ما كان يحتمله من المجاهدة بين يديه، وإيثار مباشرة ذلك لديه، والمبادرة إليه عند تضعيف الأحوال، وظهور العجز والكسل في الناس، وهكذا المعلوم من دين جماعة المسلمين، ولو أن الكفار أرادوا الطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بأن مجاهدتهم بين يديه صلى الله عليه وآله وتحملهم الشدائد فيها ليس هو عن تدين وتصديق له، ولا عن حجة ظهرت لهم وآيات بهرتهم، ولكن ذلك لمنافسة، أو طلب ملك ورياسة، لما سلكوا إلى هذا المسلك، ونعوذ بالله من الخذلان.
  ولا يقدح أيضاً فيما بيناه قول القائل: وأيضاً قوله إنه # لم يكن عليه في المبارزة والمقاتلة مشقة عظيمة، لأنه كان يأمن القتل عن نفسه لإخبار رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه سيبقى حتى يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، لأن هذه الطريقة تؤدي على أن لا يكون لرسول الله صلى الله عليه وآله في قبول الرسالة والعدة على تأديتها وتحمل ما يعرض من المشاق فيها فضيلة عظيمة، لأنه صلى الله عليه وآله كان يؤديها وهو آمن به من القتل لإخبار الله تعالى إياه بذلك لقوله تعالى ذكره {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦ ٧].
  فإن قال: إن الله تعالى أخبره بذلك بعدما فرغ من أداء الرسالة؟.
  قيل له: وكذلك دلت الأخبار على أنه صلى الله عليه وآله أخبره # بذلك في آخر أيامه وقد فرغ من قتال المشركين.
  ولا يعترض أيضاً قوله: إن كون أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار يساوي مجاهدة أمير المؤمنين # بين يديه ÷ ويزيد عليها، لأنه لا نفع لكونه في الغار عائد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ولا على الإسلام والمسلمين، ثم قابل ذلك بفعل أمير