[دلالة خبر المنزلة على المنازل التي يستحقها أمير المؤمنين]
  وأيضاً: فإن أكثر المعتزلة الذين يذهبون إلى أن طلحة والزبير وعائشة فسقوا لمحاربة أمير المؤمنين # لا يقطعون بتوبتهم بالخبر الذي روي في ذلك، والله يعلم أن خبرنا أشهر من هذه الأخبار، فنسأل الله العصمة من العناد.
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون في فرق الخوارج وغيرهم من رده وخالف فيه؟.
  قلنا: لما كان هذا لا يسوغ في سائر الإجماعات فكذلك ما ذهبت إليه.
[دلالة خبر المنزلة على المنازل التي يستحقها أمير المؤمنين]
  فإن قال: ولم قلتم إن الخبر عام في المنازل التي أشرتم إليها حتى يكون مشتملاً على المنزلة التي ذكرتم؟.
  قيل له: لأن القائل إذا قال لآخر أنت مني بمنزلة فلان، كان اللفظ عاماً في جميع المنازل التي يحسن منه استثناؤها، لأن الاستثناء من حقه إذا لم يكن مجازاً أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله فيه، فإذا صح هذا وعلمنا أن النبي ÷ لو استثنى المنزلة التي ذكرناها كما استثنى النبوة حتى يقول إلا أنه لا نبي بعدي ولا إليك تولي أمر أمتي لكان الإستثناء صحيحاً، ووجب أن تكون هذه المنزلة مرادة.
  ووجه آخر: وهو أنه قد ثبت من أصلنا أن الحكيم الذي لا يجوز عليه التلبيس والإستفساد متى خاطب بخطاب محتمل الأمور على وجه الحقيقة ولم يُرِدْ بعضها، ولا كانت هناك دلالة على كونه غير مراد لوجب أن يبينه، فلما كان لفظ الخبر محتملاً لهذه المنزلة كاحتماله للنبوة - لأنه لو لم يحتمل لكان استثناؤها عبثاً، أو تجوزاً متعسفاً فيه، وكلامه ÷ يبعد عن هذين الوجهين - وإذا كان محتملاً لها ولم يبين ÷ كونها غير مرادة ولا كانت هناك دلالة على ذلك وجب أن تكون مرادة على ما بيناه.
  فإن قال: بما أنكرتم أن يكون باستثنائه للنبوة استثناء هذه المنزلة لأنها من مقتضى النبوة؟.
  قيل له: ما الذي تريده من قولك إنها من مقتضى النبوة:
  إن أردت به أن كل نبي يجب أن يكون مستحقاً لها، وكل مستحق لها يجب أن يكون نبياً، فهذا فاسد بالإجماع.