الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الكلام على شبه القائلين بإمامة أبي بكر وبيان فسادها

صفحة 57 - الجزء 1

الكلام على شبه القائلين بإمامة أبي بكر وبيان فسادها

  واعلم أن القائلين بإمامة أبي بكر يسلكون في الشبه التي يتعلقون بها طرائق:

  إحداها: النص.

  والثانية: إجماع الصحابة.

  والثالثة: ادعاء ضرب من الإختيار، ونحن نذكرها ونورد جميع ما يحتمل الكلام إيرادها، ونبين سقوطها وفسادها بعون الله وتوفيقه.

الطريقة الأولى: [إبطال دعوى النص على إبي بكر]

  شبهة: قالوا قد نقلت البكرية مع كثرتها وتفرقها في البلدان أن النبي ÷ نص على إمامته، وتواتر النقل بذلك يوجب العلم به؟.

  وجوابها: يقال لهم: هذا الخبر الذي ادعيتموه ظاهر الفساد من وجوه:

  منها: أنه لو كان منصوصاً عليه لكان لنا طريق إلى العلم بذلك، وكان ذلك الطريق لا يخلو من وجهين: إما أن يكون ضرورة أو اكتساباً.

  فلو كان العلم به ضرورياً: لكان يوجب اشتراك جميع أهل العلم في ذلك، وقد علمنا بأن أكثر الأمة لا يعلمون ذلك من أنفسهم، بل يعلمون خلاف ذلك دليل على أن العلم الضروري لم يقع به.

  ولو كان مكتسباً: لوجب أن يكون قد حصل في ذلك النقل بعض الشرائط التي وجدت في الأخبار، اقتضى تواترها ووقوع العلم بها من طريق النقل.

  ألا ترى أن القائلين بهذا الكلام لا يمكنهم أن يبينوا أن أحداً من الصحابة قال به وذهب إليه، فضلاً عن أن يكون لهم سلف في نقله يتواتر بمثلهم الخبر، وإذا كان هذا هكذا ثبت أن ما ذهبوا إليه لا أصل له.

  وأما قولهم إن البكرية نقلوا ذلك مع كثرتهم وتفرقهم في البلدان: فإن التعلق بذلك لا يفيد، لأن كثرتهم الآن وتفرقهم في البلدان لا يقتضي تواتر خبرهم متى لم يثبت أن الطرف الأول من نقلتهم قد حصل فيه شرائط التواتر في الكثرة وغيرها كالطرف الأخير، وهذا بين لا شبهة فيه.