ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

شعره #

صفحة 21 - الجزء 1

  أدت إلى هزيمة الغز هزيمة منكرة، واستولوا على أسلحتهم ومحطتهم ودوابهم، وهزموهم حتى عادوا إلى صنعاء وكوكبان، فلما بلغ العلم بهزيمة الغز إلى طغتكين أمر بالجنود الكثيرة والخيل والسلاح إلى (بوزبا) وكان متولي الأمر في صنعاء وأعمالها شديد العزيمة عارفاً بأمور الحرب، وقد عَظُمَ في صدور الناس أمره.

  فلما علموا بتوجهه إليهم علموا أن لا طاقة لهم به، وأنه لن يدفع الشر عنهم إلا زعيم من أهل البيت $ فتوجه المشائخ من آل المكم ومن بني صاع ومن آل القبيب ومن بكيل ووادعة وحاشد وغيرهم إلى الإمام وسألوه التقدم معهم والمدافعة عنهم وألحوا عليه في السؤال، وقالوا: «نجاهد بين يديك، وننفق الأموال والأنفس في سبيل الله» فرغب الإمام فيما عند الله، وساعدهم، وطلع إلى الظاهر.

  فاجتمعت إليه قبائل وادعة وبكيل وحاشد والصيد وغيرهم فحلفوا له الأيمان المؤكدة على النصيحة.

  فلما علمت العجم بذلك اضطرب أمرهم، فنهض (بوزبا) بالعساكر الكثيرة فحط بريدة، وكان غرضه أن يحط على الجبال، وكان عدد الجيش الذين مع الإمام # قدر ثمانين فارساً، والرجل كثير أهل الفياس منهم قدر ألفين وخمسمائة وسائر أهل السلاح جم غفير.

  وكانت خيل الغز قدر ثمانمائة فارس غير البغال والبراذين، فأما الرجل فشيء كثير لا يحصى.

  فوقع الحرب يوماً في شق السهل فانكسر الغز وانهزموا بفضل الله وبركة الإمام.

  ثم عزم الإمام على بياتهم في محطتهم بمن معه من العسكر، وأن يترك ألف راجل في حصن (تلفم) وهو حصن مطل على ريدة من ناحية البون، ويقصد المحطة بباقي العسكر.

  ولكن الخلل وقع في عسكره فإن كبارهم فسدوا وطمعوا وعمل فيهم الدينار والدرهم، ووعدهم (بوزبا) بالأموال والخلع، فتقوت عزائم العجم وتحركوا للحرب، فأمر الإمام أصحابه بالإمساك فلم يتقيدوا، فلما التقى الجمعان وتصادمت الخيل انهزم من كان في نفسه الفساد، ولم يبق مع الإمام سوى ثمانية فرسان أو تسعة وقدر خمسة عشر راجلاً فقال الإمام: «لا بد من لقاء القوم» فلما رأوا راية الإمام قاصدة نحوهم وقع حرب شديد قتل بين يدي الإمام قدر أربعة عشر راجلاً وهو لازم ما ثنى رأس فرسه عن العدو حتى تخلص باقي أصحابه، وألم به العدو من جميع جوانبه ما بينه وبينهم فارس ولا راجل، ولكن الله ألقى الهيبة في قلوبهم لما شاهدوه من شدة بأسه حتى انهزموا، وكان في ذلك عز الإسلام ونصر الحق وإنزال الرعب في قلوب أعداء الإمام #.

  وبقي الإمام # في دعوة الإحتساب ما يقرب من عشر سنوات أو إحدى عشرة سنة، ناشراً للعدل، قائماً بالحق، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، فهذه بعض الأحداث التي وقعت في وقت