[115] وقال # إلى بني الحسن و الحسين $ إلى الحجاز سنة (598) هـ ثمان وتسعين وخمسمائة: [الوافر/66]
  مَعَاذَ اللهِ لَيسَ يكونُ هَذَا ... ولَمَّا نَحتسي جُرَعَ الزَّؤَامِ(١)
  ولَم تَهْلَكْ سُيُوفُ الهِندِ صَبرَاً ... وينتصفُ اللُّهامُ من اللُّهَامِ(٢)
  وتُرقِلَ للقرَاعِ بَنُو عَلَيٍ ... كإرقَالِ المَصَاعِبِ فِي السَّوَامِ(٣)
  إذَا لَمْ تَغضبُوا للدِّينِ جَهرَاً ... ولَم تَحمُوا عَليهِ فَمَن يُحَامِي
  دَعُوهَا غَضبَةً كَسَبَت فَخَارَاً ... فَقَد يُحْمَى الكريمُ من الكَلاَمِ(٤)
  حَمِيَّةُ حَمزَة جلبت إلَيهِ ... جوارَ الرَّبِّ فِي دارِ المقَامِ(٥)
  دَعَا ذُو ثُعلُبَان الحُبْشَ(٦) قِدْمَاً ... وَثَوَّبَ صَارِخَاً فِي آلِ حَامِ(٧)
  فَقَادَ لِوَاؤُهُ سَبعِينَ ألَفَاً ... تَمُرُّ كَأنَّهَا حِزْقُ النَّعَامِ(٨)
(١) الزؤام: الموت.
(٢) اللهام كغراب: الجيش العظيم.
(٣) الإرقال: الإسراع.
(٤) يعني قد يكون الكلام سبباً في إثارة الحمية عند الرجل الكريم، الذي يؤثر فيه الكلام.
(٥) أي حمزة بن عبد المطلب عندما غضب على أبي جهل وضربه بالقوس حين بلغه أن أبا جهل سب رسول الله وسخر منه، وكانت سبب إسلامه، فهذه حمية جلبت لحمزة الخير والهدى.
(٦) في كثير من النسخ (الجيش): والصواب ما أثبته من الأصلية، وهو المناسب للقصة الآتية.
(٧) ذو ثعلبان: هو دوس بن ثعلبان، من نصارى أهل نجران، وآل حام: هم أولاد حام بن نوح، وهم السودان.
وأصل القصة: أن ملكاً من ملوك اليمن يقال له ذو نواس وكان يهودياً، فغزا أهل نجران وكانوا نصارى، فحاصرهم، ثم خدد لهم الأخاديد فعرض عليهم اليهودية فأبوا فحرقهم بالنار، وحرق الإنجيل، وهدم بيعهم التي كانوا يتعبدون فيها، ثم رجع إلى اليمن، وكان دوس ذو ثعلبان ممن نجى وأفلت ممن النصارى، حيث هرب على فرس، حتى نجى هارباً، ثم توجه إلى قيصر ملك الروم - وهو على دين النصارى - يستغيثه ويخبره بما فعل ذو نواس بنصارى نجران، وأنه حرقهم وقتلهم وبقر بطون النساء، وهدم البيع، فما فيها ناقوس يضرب به، فقال له قيصر: بعدت بلادي عن بلادكم، ولكن أبعث إلى قوم من أهل ديني، أهل مملكته قريب منكم فينصرونكم، فقال له ذو ثعلبان: فذاك إذاً، فكتب قيصر إلى ملك الحبشة - وهو على دين النصارى - أن انصر هذا الرجل الذي جاء يستنصرني، واغضب للنصرانية، وأوطئ الحبشة بلادهم، فخرج ذو ثعلبان بكتاب قيصر إلى ملك الحبشة، فلما وصل الكتاب، أمر ملكُ الحبشة قائداً عظيماً من عظمائهم اسمه أرياط أن يخرج معه فينصره، فخرج أرياط ومعه سبعون ألفاً من الحبشة، فخرج أرياط في الجيش الكثيف وحملهم على السفن وعبر بهم حتى وردوا إلى اليمن، فلما رأوهم أهل اليمن رأوا جنداً كثيراً ومعهم الفيلة، فجمع ذو نواس جمعاً كثيراً وسار بهم إلى جيش أرياط، فاقتتلوا قتالاً عظيماً، فكانت الغلبة فيه للحبشة، وانهزم أصحاب ذي نواس وانهزموا وتفرقوا في كل وجهة، فلما رأى ذو نواس انهزام جيشه وخشي أن يؤسر، تقحم بفرسه البحر حتى غرق وهلك.
فلما دخل أرياط اليمن قتل ثلثاً، وبعث ثلث السبي إلى ملك الحبشة، وخرب ثلثاً، وملك اليمن وقتل أهلها، وهدم حصونها كبينون وغمدان وسلحون.
(٨) الحزق: الجماعة.