ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر المطرفية]

صفحة 315 - الجزء 1

  حَتَّى إذَا جَاءَت لَيَالِي العَشرِ ... المُسفرَاتِ عن صَباَح ِالنَّحر

  جاَء َإلَى نَادِيهِمُ سَيلُ العَرِمْ ... كَأنَّهُ الفِيلُ العَضُوضُ المُعتَلِمْ⁣(⁣١)

  فأخذَ الدِّيَارَ والأموَالا ... وزَالَ عَنهُم بَعدمَا أزالا

  وَخَرَّبَ اللهُ دِيَارَ الْمُخْرِبِ ... لِمَنزِلٍ سَاكِنُهُ آلِ النَّبِي

  فَعَجِبَ النَّاسُ لِهذَا الشَّانِ ... وَلَجَّ أهلُ الظَّلمِ فِي الطُّغيَان

  وصارَ لَا يَعرِفُ إلا الظَّلْمَا ... فَتَاهَ كالأعمَى يَقُودُ الأعمَى

  ونحن نرجو الله ربَّ الناسِ ... أن يقلع الظلم من الأساس

  وخَالَفَت فِي ثَافِتٍ آلُ المُكِّمْ ... وكفَرُوا بِالعَارِفَاتِ والنَّعَمْ


(١) قصة السيل من الكرامات المشهورة للإمام # وذلك: أن وردسار نهض من صنعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة بعد أن جهز عسكراً عظيماً من العرب، وأجابته القبائل التي حول صنعاء من همدان وبني شهاب وسنحان وغيرها، وأعد المخربين، وجاءته مادة من جند اليمن وذمار، وكان جنده زهاء أربع مائة فارس، وطلع أرض الظاهر فهدم درب كحل [تبعد عن ذيبين ٣ كم] ودرب الميفاع غربي خمر، ثم تقدم وحط بموضع يسمى دماج - اسمه الغيل -، وقعت فيه بينه وبين الأمير الحسن بن حمزة بن سليمان وقعة مشهورة وقع فيها كثير من القتلى والجرحى حتى الليل، فلما أصبح وردسار توجه إلَى بلاد بني مالك فأخرب دوراً بمشوط، واقتتل هو وأهل البلاد قتالاً شديداً وأراد قطع الأعناب فمنعوه من ذلك، ثم توجه إلَى بركة المصرع ناحية خمر، فلما أصبح انتخب من فرسان العرب والغز ثلاثمائة فارس وألف راجل وهبط فيهم بنفسه إلَى حوث لهدمها، وجعل على بركة الشجرة ثلاثمائة راجل يحفظون العسكر من خلفهم، وتقدم فهدم دار الإمام # واستقصى فِي تخريبها وتحريق أخشابها وأبوابها، ثم أغار أسد الدين الحسن بن حمزة على الثلاثمائة الذين كانوا على بركة الشجرة فكشفهم عنها وهزمهم، فانهزم (وردسار) ومن كان معه فِي حوث، ثم أقبلت جنود الإمام # بقيادة أخيه عماد الدين يحيى بن حمزة، ومحمد بن إبراهيم وأمدهم الإمام بالرجال وحشد الناس للقتال فاجتمع عسكر عظيم فوقع فِي ذلك اليوم حرب لم ير مثلها قبلها، وكانت المعركة فِي وادي (ذيبين) وأقبلت جنود الإمام # من صعدة ومن كل ناحية وأدت المعركة إلَى انهزام (وردسار) وعاد إلَى صنعاء بغيظه مكظوماً، فلما كان ليلة الثلاثاء لسبع مضين من ذي الحجة سنة إحدى وستمائة أتاهم سيل عظيم لم ير الراءون مثله، وذلك أن الله أنزل مطراً عظيماً على بلاد سنحان بالقرب من صنعاء، فآتى المطر المدينة قبل المغرب، وكان (وردسار) قد عمر سور المدينة عمارة عظيمة وجعل لمجرى السيل عند مدخله ومخرجه فِي طرفي المدينة، فِي كل موضع ثلاثة أبواب محكمة البناء بالصخور الكبار، وأفرغت عليها النورة والرماد، وبنيت فوقها العقود المدارة بالجص والآجر، ونصب البناء عليها بالطين وعملت على المجاري شبابيك من أخشاب قوية وجعل لها مجاري إلَى أعلى السور ففاجأهم السيل فلم يتمكنوا من رفع الشبابيك فتراكم السيل حتى اعتلى على السور وفاض من السور حتى حطمه من أساسه، وكان (وردسار) قد بنى لَهُ داراً متصلة بالسور على شاطئ السائلة وكانت محكمة البناء قوية الأساس، عالية الغرف مبنية بالأحجار القوية المحكمة والأخشاب، وأنفق أموالاً جليلة فِي عمارتها فأخذها السيل وأخربها، وأخرب السيل أيضاً كثيراً من الدور والمنازل فِي طريقه حتى بلغ جامع الصومعة حتى أحاط به من جوانبه وامتلأ ماء يزيد على قدر قامة الرجل، ولم يكن بين إخراب دار الإمام # وبين السيل الذي أخرب دار (وردسار) إلا تسعة أيام فعلموا أنه كرامة ظاهرة للإمام فانتشرت ونظمت فيها الأشعار والآثار. انظر السيرة المنصورية - من صـ ٦٧٣ إلَى صـ ٦٩٠ الجزء الثاني.