[135] وقال # هذه الأرجوزة في ذي الحجة سنة إحدى وستمائة يذكر فيها جملا من ابتداء أمره إلى التاريخ المذكور: [أرجوزة/232]
  فرجَعُوا إلَى ذُرَى تُلُمُّصِ ... والبيض فِي أيْمَانِهِم مِثلُ العِصَي
  فَحِينَ فَاضَت خَيلُنَا فِي الخَانِقِ ... والبِيضُ فِي الأيمَانِ كالعَقَايق
  جاشَ إليهِم أَسَدٌ وجُندُهْ ... وحَدُّ مَطرُورِ الغِرَارِ حَدُّهْ
  فِي عُصَبِ التُّركِ وفِي الأكرَادِ ... يَعصُونَ بِالمُرَّانِ كَالآسَاد
  فاجتمَعَ الجُندَانِ وسْطَ القَاعِ ... والكُلُّ يرجُو الفوزَ فِي القِرَاع
  حَتَّى تَلاَقَت غُرَرُ الجِيَادِ ... وانصَاعَ أهلُ الظُّلمِ والفَسَاد
  هَزِيمَةٌ عندَ التَّلاَقِي مُجْلِيَه ... والبيضُ فِي أكتافهِم كالأعصِيَه
  حَتَّى علَوا بِالصَّافِنَاتِ الطُّودَا ... بَعضٌ رَقَى سَوقَاً وبعضٌ قَودَا
  وجاءَ بدرُ الدِّينِ فِي العَسَاكِرِ ... عَصَايِبَاً مِثلَ الجَرَادِ النَّاشِر
  مِن شِعبِ حَيٍّ ومن الأدِيْمِ ... وَغَيرِهِم كُلِّ كَرِيمِ الخِيمِ(١)
  فَحَصَرَ الأعدَاءَ حَصرَاً كَامِلا ... حَتَّى تَمَنَّوا مِنهُ مَوتَاً عَاجِلا
  وشِيمَةُ العفوِ لَنَا سَجِيَّه ... يَعرِفُهَا الكُلُّ من البَرِيَّه
  كَم مَلِكٍ رَامَ لَنَا القِتَالا ... حَتَّى فَكَكنَا دُونَهُ الأقفَالا
  فافتَرَقت أجنَادُهُ أيدِي سَبَا ... إِلَى الجَنُوبِ هَارِبِينَ والصَّبَا
  فَمُذ رأينَا حَالَه قد حَالا ... وصار منه المَاءُ يَحكِي الآلا
  لُطنَا لَهُ حَوضَاً نَمِيرَاً مُزبِدَا ... مُرُوءَةً ورَحمَةً وسُؤدَدَا
  ولو شَرحنَاهُ لَطَالَ الشَّرحُ ... والعَينُ لَا يَغبَى عَلَيهَا الصُّبحُ
  فَسَلَّمَ الأمرَ لَنَا وَالخَيلا ... وَشَدَّ للمَوتِ هُنَاكَ الذَّيلا
  فَحِينَ بَانَت قُدرَةٌ عَفَونَا ... وَمُذ تَوَالَى غَدرُهُم وَفَينَا
  ورَاحَ فِي أَمرٍ يَبُثُّ الشُّكْرَا ... وَلَم يكُن عَفوُ الكِرَامِ نُكْرَا
  والحربُ بَينَ الفَيلَقَينِ دَائِرَه ... لِطَالِبِ الدُّنيَا ورَاجِي الآخِرَه
  كُلٌّ مُجِدٌّ فِي قِتَالِ ضِدِّه ... والثَّورُ يُعطِي رُوقَهُ عن جِلدِه
  وقد طَرَا عَلَى العدُوِّ مَا طَرَا ... وَالصَّيدُ كُلُّ الصَّيدِ فِي جَوفِ الفِرَا
  ونَحنُ نَرجُو نُصْرَةً من المَلِكْ ... وأنَّ حَبلَ الظَّالِمِينَ يَنبَتِكْ
(١) الخيم بالكسر: الشيمة والطبيعة الخلق والسجية.