[حالة الإمام مع المسترشد]
  ولم أَزَلْ مُذْ مِيْطَتِ التَّمَائِمُ ... ولُوِيَتَ فِي رأسيَ العمَائِمُ
  أسْبُرُ قولَ كُلِّ فَذٍّ عَالِمِ ... بِفطْنَةٍ ثَاقبَةٍ كالصَّارِم
  لم تُلهِني فِي صِغَرِي الملاهِي ... ولستُ أدري بالعَيَانِ ما هِي
  وذاك للنعمة من إلاهِي ... أحمدُه إذ كان غيري لا هِي
  كم نعمةٍ عندي لَهُ لا تحصَى ... عَمَّ بها سبحانه وخَصَّا
  وأوجب الشكر لها وَوَصَّى ... نصصتُ عنها شكرَ ربِي نَصَّا
  ولَمْ أزَلْ مُنْذُ حَمَلْتُ القَلَمَا ... ثم يَفَعْتُ وبلغتُ الحُلُمَا
  أسعى إلَى الدِّينِ الحَنيفِ قُدُمَا ... ولَو رَمَانِي دونَ ذَاكَ مَن رَمَى
  كمْ قائلٍ قال صغيرُ السِّنِّ ... يريدُ أن ينفي الكمالَ عنِّي
  فقلتُ هذا مِن عظيمِ المَنِّ ... إن كُنتَ ذا جهلٍ فسائل عنِّي
  العلم فِي آل النبي من صِغَرْ ... نصَّ بذاك جدُّهُم خَيرُ البَشَرْ
  وغيرُهُم لَيسَ بِمُغْنِيهِ الكِبَرْ ... لو شَابَ شَعَرُ رأسِه أوِ انتثَرْ
  صبراً لحكمِ ربكم أو موتُوا ... فسوف أبدي الشكر ما حييِتُ
  ما لَكُمْ مَا شئتُمُ أو شِيْتُ ... بل مَا يَشَاءُ المُحْيي المُمِيْتُ
  ألْهَمَ يحيى حُكْمَهُ صَبِيَّا ... وجَعَلَ ابنَ مريمٍ نَبِيَّا
  فِي المَهدِ حُكْمَاً نَافِذَاً مَقْضِيَّا ... فَمُتْ أَسَىً إنْ كُنْتَ رَافِضِيَّا
  نَشَأْتُ بَينَ مُصْحَفٍ مَنْشُورِ ... ودَفْتَرٍ مُحَبَّرٍ مسطوِر
  حتى استقامتْ فِي الهدى أموري ... وتَمَّ باللهِ العظيمِ نُورِي(١)
[حالة الإمام مع المسترشد]
  كم طالبٍ جاءَ مُجِدٍّ فِي الطَّلَبْ ... أدركَ عندي فِي العلومِ مَا أحَبّْ
  لقَّيتُه بِشْرَاً وعِلمَاً مُنْتَخَبْ ... كأنَّهُ صِنْوِيَ من أمٍّ وأبّْ
(١) وفي هذا المقطع يذكر كثيرا مما أنعم الله به عليه من النعم، من أنه متبع لأقوال أهل بيته فِي أصول الدين بالحجة الواضحة، ويذكر ما أنعم الله به عليه من العلم والاجتهاد فِي طلبه منذ صغره سنه، ويذكر أنه لم يزل مقيماً للدين منذ صغره حتى كبره، وأن صغر السن لا يمنع الإنسان من ارتقاء المعالي والدرجات الرفيعة، فإن عيسى ويحيى بن زكريا جعلهما الله أنبياء وهما لم يزالا فِي المهد والصبا.