[168] وقال #: [الطويل/55]
  وَيهزَأُ مِنِي صَاحِبَايَ كَأنَّنِي ... أَتَيْتُ فَرِيَّاً للمُرُؤَةِ فَارِيَا(١)
  وَعهدِي بِهَا عَصْرَ الشَّبِيبَةِ طِفلَةٌ ... نَؤُومُ الضُّحَى تَمشِي إليَّ تَهَادِيَا
  رَمَتْ بِسَهَامٍ من جُفُونٍ مَرِيضَةٍ ... فَلَيتَ الذِي أَدمَى الجِرَاحَ مُدَاوِيَا
  رَعَى الله أيامَ الشبابِ فِإنَّهَا ... عِذَابٌ وإن كانت تَجُرُّ الدَّوَاهِيَا
  وَسَقيَاً لِأيَّامِ الوَقَارِ وَشَيبِهِ ... فَقَد صَارَ مَرضِيَّاً لَدَيَّ وَرَاضِيَا
  فَشَتَّانَ مَا بَينَ الخَلِيقَينِ مُوبِقَاً ... ومَن نَرَهُ عن مُوجِبِ اللؤمِ نَاهِيَا
  دَعِ النَّفسَ عَمَّا يُوجِبُ اللومَ واتَّئِب ... كَفَى بِثَوابِ الله للمرءِ دَاعِيَا(٢)
  فَلَو لَم يَكُن إلا الثوابُ وَفوتُهُ ... لَكَانَ الذي لا يكسبُ الأجرَ طَاغِيَا
  وكيفَ وقد جاءَ الوعِيدُ بِهَولِه ... ويومٌ لَهُ بَأسٌ يُشِيبُ النَّوَاصِيَا
  أَلَا هل أتى حيَّيْ نزارٍ ويعرُبٍ ... بُناةَ المَعَالِي ما بَلَونَا الأعادِيَا
  أَتَاكُم من الشَّامَينِ والغربِ عَسكرٌ ... أعاجمُ تُزجِي المَقرُباتِ المذاكِيَا
  يَسُومُونَكُم خَسفَاً خِلَالَ دِيَارِكُم ... أَخَا الحزمِ فِيهَا والكريمَ المُحَامِيَا
  أَلَم تَسأمُوهُم مُذ ثَلاَثِينَ حَجَّةً ... وعَشرٍ يَرَونَ الحُرَّ للعَبدِ رَاعِيَا
  أَلستُم بِذِي قَارٍ فَرَيْتُم سُرَاتَهَا ... ضَبَاةَ المَوَاضِي والصُّدُورَ العَوَالِيَا(٣)
  وَيومَ قُدَيسٍ يَومَ جَاءَت كَأنَّهَا الـ ... ـجِبَالُ جُنُودُ الفُرسِ أُسدَاً عَوَادِيَا(٤)
  وَيومَ جَلُولَا والأعاجِمُ حُصَّرٌ ... لَقد كِلتُمُوهُم بِالصَّوَارِمِ وَافِيَا(٥)
(١) الفري كغني: الكذب أو الأمر المختلق.
(٢) اتئب: أي ارجع إلى الله تائباً.
(٣) ذي قار: وقعة كانت بين العرب وفارس، وروي عن النبي ÷ أنه قال «هذا أول يوم انتصف العرب من العجم وبي نصروا»، وقد تقدم الكلام حولها في القصيدة (٣٢) من الباب الأول.
(٤) قديس كان اسماً قديماً للقادسية، والمراد فتح القادسية، تقدم الكلام حوله في القصيدة (٦٢) من الباب الأول.
(٥) جلولاء: مدينة ببغداد قرب خانقين، تعد من طساسيج السواد في طريق خراسان، وسميت جلولاء، لأن عدد القتلى جلل نواحي المدينة لكثرته فسميت جلولاء الوقيعة، وكانت الوقعة فيها بين الفرس والعرب فِي ولاية عمر بن الخطاب في ذي القعدة، سنة ١٦ هـ، بقيادة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وكانت بعد فتح المدائن، وهزم فيها الفرس هزيمة منكرة، وذلك أن كسرى يزدجرد لما هرب بعد القادسية وخرج إلى المدائن ثم هزم، ثم هرب منها إلى حلوان اجتمع إليه خلق كثير وجم غفير من الفرس، فأقام هو بحلوان وأمر على الجيش مهران، فأقام الجمع الذي جمعه في جلولاء واحتفروا خندقاً عظيماً حولها، وأقاموا بها في العدد والعدد وآلات الحصار، فكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إليه عمر أن يقيم هو بالمدائن ويبعث ابن اخيه هاشم بن عتبة أميراً على الجيش الذي يبعثه إلى كسرى، =