ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[168] وقال #: [الطويل/55]

صفحة 416 - الجزء 1

  وِفِي سَاحَةِ اليَرمُوكِ صَافَحَ جَمعُهُم ... شَبَا السُّمرِ شَزرَاً والصفيحَ اليمانِيَا

  وَكَم شَآمَت للرُّومِ فِي مُترَاكِمٍ ... فَحَازَت دُرُوبَ الرُّومِ قِبَاً سَوَامِيَا

  وَكَم غَرَّبَت للغَربِ وهي سَوَاهِمٌ ... عَصَاصِيبُ لَا يَبْغِينَ فِي التِيهِ هادِيَا

  عَليهَا من العُربَانِ شُوسٌ مَدَاعِسٌ ... يُشَبِّهُهَا الرَّاءُونَ أُسدَاً ضَوَارِيَا

  فأين النفوسُ الزَّاكِيَاتُ وأهلُهَا ... كسَوا هَامَةَ العُجمِ السيوفَ العَوَارِيَا

  وأنتُم بَنُوهُم كيف يُرجَى اتِّصَالُكم ... إذَا لَم تَرَ ابنَ الإبنِ للجَدِّ قَافِيَا

  فَإن نَحنُ لَم نَردُدهُمُ بِنَوافِذٍ ... وَضربٍ يُريكَ الفردَ لِاثْنَينِ ثَانِيَا⁣(⁣١)

  وَشدَّاتِ فِتيَانٍ كِرَامٍ سُمَادِعٍ ... حُمَاةٍ أباةٍ يَتَّقُونَ المَخَازِيَا

  فَقُومُوا لِتَحمُوا دَارَكُم وذِمَارَكُم ... كَمَا حَمتِ الخيسَ الأسودُ الضَّوَارِيَا⁣(⁣٢)

  لَنَا بَينَ أيدِينَا حَلاَلٌ وَخلفَنَا ... عَلينَا حَرَامٌ أو نُبِيدَ المُعَادِيَا⁣(⁣٣)

  وكم موقفٍ رَدَّتهُمُ فيه بِيضُكُم ... بِنَصرِ الإله الرَّبِّ غُرثَاً صوادِيَا

  ألستم تركتم فِي خزازى شريدَهم ... قليلاً ولم تُبقُوا لَهُم ثَمَّ باقِيَا⁣(⁣٤)

  وفي ثافتٍ دمرتموهم بِكَلْكَلٍ ... ثقيلٍ يَرُدُّ الطرف حيرانَ ساجِيَا⁣(⁣٥)

  أَلَا لَا يَقولَنَّ المُحَامِي عن العُلَى ... تَذكرتُ أهلي خَلفَ ظهري ومَالِيَا

  وَلاَيَذْكُرَنْ إلا الثوابَ ومفخَرَاً ... يُشِيدُ لَهُ مَجْدَاً على النَّجْمِ عالِيَا


= فبعث سعد مع ابن أخيه جيشاً كثيفاً يقارب اثني عشر ألفاً من سادات المسلمين، ووجوه المهاجرين والأنصار ورؤوس العرب، فساروا إلى الفرس فحاصرهم هاشم بن عتبة، وكانوا يخرجون من بلدهم للقتال في كل وقت فيقاتلون قتالاً لم يسمع بمثله، وجعل كسرى يبعث إليهم الأمداد، وكذلك سعد يبعث المدد إلى ابن أخيه مرة بعد أخرى، وحمي القتال، واشتد النزال، واضطرمت نار الحرب، وتعاقدت الفرس وتعاهدت وحلفوا بالنار أن لا يفروا أبداً حتى يفنوا العرب، فلما كان الموقف الأخير وهو يوم الفيصل والفرقان تواقفوا من أول النهار فاقتتلوا قتالاً شديداً، لم يعهد مثله حتى فني النشاب من الطرفين، وتقصفت الرماح من هؤلاء ومن هؤلاء وصاروا الى السيوف والطبرزنيات، وحانت صلاة الظهر فصلى المسلمون إيماء، ثم حملوا على الفرس حملة رجل واحد، فانهزمت الفرس هزيمة منكرة، وهربوا كل مهرب، وقتل منهم في ذلك اليوم على ما روي مائة ألف، وغنم المسلمون غنائم كثيرة.

(١) في حاشية الأصلية: هذا البيت مثل قول الشاعر: إذا هوى في جثة غادرها من بعد ما كانت خسا وهي زُكا

(٢) الخيس: مكان وموضع الأسد.

(٣) يريد # أنهم لا يولون أدبارهم في المعارك فإن ذلك حرام عليهم والحلال هو المشي أماماً والمضي قدماً.

(٤) تقدم شرحه في القصيدة رقم (٩٨) من الباب الثاني.

(٥) يريد # وقعته في المهجم. تمت من هامش الأصلية.