[192] وقال # إليها أيضا: [الطويل/19]
  أنامت الخَشْفَ وانسابت تفوِّقُهُ ... وقد جَرَى حَتفُهُ فِي الَّلوحِ والقَلَمِ(١)
  فَأغتَالَهُ قَانِصٌ يَسعَى بِأكْلُبِهِ ... مِن جِنِّ نَبهَانَ عَارِي الجِسْمِ كالجَلَمِ(٢)
  فَحِينَ خَالَطَهَا فِي قَلبِهَا وَجَلٌ ... رَاحَت كَأنَّ بِهَا ضَربَاً من اللّمَمِ(٣)
  تَبغِي طِلَاهَا فَألفَت عِندَ مَجثَمِهِ ... صُمْعَ الرُّؤوسِ من العُقبَانِ والرُّخَمِ(٤)
  يَومَاً بأعظَمَ مِنِّي عِندَ فُرقَتِكُم ... وَجْدَاً وإن عَظُمَت فِي مَطلَبِي هِمَمِي
  كَم لَيلَةٍ قَد نَعِمنَاهَا بِقُربِكُمُ ... نِمنَا بِهَا وَعيُونُ السُّعْدِ لَم تَنَم
  كَانَت فَلَمَّا انقَضَتْ غَضْراءُ لَذَّتِها ... آضَتْ تَرَدَّدُ بين الذِّكْرِ والُحُلُمِ(٥)
  أَمَّا الفِرَاقُ فَحتمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ ... فهَل يُرَدُّ على جَسمِي فُضُولُ دَمي
  سُقيَاً لَكُم وَلِأيَّامٍ لَكُم حَسُنَت ... كَأنَّهَا قِطَعٌ مِن جَنَّةِ النَّعَم
  بُرْدُ الشَّبَابِ وبُردُ الحَالِ مَلْبَسُكُم ... والحُسنُ مُنتَزَعٌ منكُم إلَى الصَّنَم
  أَخَذتُمُ مِن عَزِيزِ الرَّملِ مُهجَتَهُ ... العينَ والجِيدَ والكُشحَينِ بِالهَضَمِ(٦)
  وَفُقْتُمُوهُ بأردَافٍ ووَارِدَةٍ ... سُوْدٍ وأطرافِ مَوصُولَيْنِ كَالعَنَمِ(٧)
  ومَالَكُم من شَبِيهٍ فِي خَلاَئِقِكُم ... إِلَا الرِّيَاضَ سَقَاهَا وَاكِفُ الدِّيَم
  فإنْ هجَرْنَا فمَا الهُجرَانُ عن مَلَلٍ ... لَكِن لِحِفظِ العُلا والدِّينِ والكَرَم
  وَحَربُ قَومٍ طُغَامٍ لَا خَلاَقَ لَهُم ... كَأنَّهُم خُلِقُوا مِن سَائِمِ النَّعَم
(١) الخشف بالفتح: ولد الظبي. والإنسياب: الإسراع. التفويق: تسقيه اللبن أي ترضعه.
(٢) قوله من جن نبهان: لعلها من حيِّ نبهان: وهو حي من طيء، وظنن عليه فِي حاشية المخطوطة الأصلية. والجلم محركة: غنم طوال الأرجل لا شعر على قوائمها تكون بالطائف، وتيس الظباء والغنم.
(٣) اللمم محركة: الجنون.
(٤) الطَلاء بالفتح: ولد الظبي ساعة يولد والصغير من كل شيء، والطلي كغني: الصغير من ولد الغنم. وألفت: وجدت. والصمع جمع صمعاء: وهي الصغيرة الأذن، أو الأذن اللطيفة المنضمة إلى الرأس والسالفة.
(٥) الغضارة: النعمة والسعة. وآضت: أي صارت وتحولت.
(٦) عزيز الرمل: المراد به بنت الظبية، لأنها تسمى عزة.
(٧) الأرداف جمع الردف: والمراد هنا العجيزة والمؤخر، والواردة: تطلق على أرنبة الأنف، يقال وارد الأرنبة إذا كان طويل الأنف، وتطلق على الشعر الطويل، يقال واردة الشعر إذا استرسل وطال، وهو المقصود هنا لبيانه بعده بوصفه بالسواد. والوصل بالضم أو الكسر: العظم الذي لا يكسر ولا يختلط بغيره. والعنم: شجرة حجازية لها ثمرة حمراء، يشبه بها البنان المخضوب.