علماء الشيعة مع المطرفية
  فجائني كل بني مطرف ... تقودهم شيوخهم شمط اللحى
  فقلت هذي توبة ... قد طمست منه فعلهم ما قد مضى
  وقوله:
  جاءوا إليَّ كأن الطير فوقهم ... لا يرفعون خشوعاً شاخصي البصر
  فبايعوني اختياراً ضل سعيهم ... في نكث بيعتهم بالغدر والغرر
  فلم تمض إلا مدة يسيرة على بيعتهم دون ستة أشهر حتى نقضوا عهودهم، ونكثوا بيعتهم، وتركوا إقامة الجمع، ومنعوا تسليم الحقوق الواجبة، وفي ذلك ما يقول الإمام #:
  فلم يكن إلا ليال قلة ... ثم استدار أمرهم دور الرحى
  واستبدلوا بالرشد غياً ظاهراً ... وبالجنان المستنيرات لظى
  وقوله:
  حتى إذا ما نأت داري ودارهم ... تدَرعوا لشقاقي فروة النمر
  ولم يزل الإمام # يأخذهم باللطف والاستمالة، فلا يزيدهم ذلك إلا بعداً ونفاراً، ثم إنه وقع بين الإمام # والغز صلح وهدنة لمدة عشر سنوات.
  فاستوى على المطرفية وطلب منهم الخروج عن مذهبهم والرجوع إلى مذهب الأئمة، بل الدخول في الإسلام وترك أقوالهم التي أخرجتهم عن الملة، بعد أن جمع من آيات القرآن أربعمائة وسبعة وثلاثين آية محكمة لا تحتمل التأويل قد خالفتها وردتها المطرفية، وصار كفرهم صريحاً.
  فلم ينجح ما استخدمه معهم في اللين واللطف، إلى أن اشتد أمرهم وقويت شوكتهم وصرحوا بمذهبهم في جميع القرى والبوادي.
  ثم إن الإمام أجرى فيهم الأحكام الشرعية من جواز قتلهم، فقتل رجلاً منهم ناظر في المفاضلة فآل به الأمر إلى أن ساوى بين النبي واليهودي، فبلغ خبره الإمام فأمر بضرب عنقه.
  ثم إنهم استعانوا بالغز على الإمام # فلم تنفع استعانتهم شيئاً، بل كان وباله ذلك عليهم.
  فعادوا إلى إظهار السب والأذى للإمام #، وتجيير القصائد والأراجيز والرسائل المصرحة بأقوالهم وسب الإمام # وعلماء عصره من السادة والشيعة.
  ثم تعدى بهم الحال إلى أن نصبوا لهم إماماً وبايعوه، لكي يحاربوا الإمام المنصور بالله، فنصبوا لهم