حَذَّاء كالدُّرِّ إلَا أَنَّهَا كَلِمٌ ... مَضمُونُهَا حِكَمٌ سَيَّارَةٌ بِدَعُ⁣^(⁣١)

  أحييتَ فِيهَا رَمِيمَ الوُدِّ ما سَجَعَتْ ... وَرْقَاءُ فِي فَنَنٍ قَدْ سَفَّهَا جَزَعُ⁣^(⁣٢)

  يَا سَعْدُ تلك سَبِيلٌ لَا سبيلَ لَنَا ... إلى تَنْكُّبِهَا فَالأمرُ مُتَّبَعُ

  لا بُدَّ يَومَاً نُوَافِي من تَقَدَّمَنَا ... فالشَّمْلُ مُجتَمِعٌ والجَمعُ مُنصَدِعُ

  للنَّارِ أَهْلٌ ولِلجَنَّاتِ غَيرُهُمْ ... والكُلُّ في شُغُلٍ مِمَّا بِهِ يَقَعُ

  فاصبرْ عَلَى فَقْدِ مَنْ أعظَمْتَ فُرقَتَهُ ... فالموتُ لَم يَنْجُ منه الأعصمُ الصَّعَلُ⁣^(⁣٣)

  يَأتِي علينَا ولا يَأوِي لفُرقَتِنَا ... ولا يَحُمُّ لَهُ رَيٌّ ولا شِبَعُ

  مات النبيون أعلا اللهُ ذكرَهُمُ ... وما حَمَى عنهم الشرعُ الذي شَرعُوا

  بادَ الملوكُ وأبناءُ الملوك فلم ... يمنعهم المُلْكُ والجمعُ الذي جَمَعُوا

  فاصبر ولا تَبْكِ مَيتَاً بعد فَاطِمَةٍ ... وآلِها شفعاءِ الخلقِ إن جُمِعُوا

  ما وَجْدُ فاقدَةٍ خَشفَاً بِمَسبَعَةٍ ... نامت لتفوِيقِهِ فاغتالَهُ السَّبُعُ⁣^(⁣٤)

  يَرُدُّ ما فَاتَ منه فاعْنَ متَّعِظَاً ... فالأمرُ جِدٌّ وحَبلُ العيشِ مُنقَطِعُ

  لا تجزَعنْ فالليالِي غيرُ غَافِلَةٍ ... وكلُّ حَيٍّ لَهُ كأسُ الرَّدَى تَرِعُ⁣^(⁣٥)

  ونَحنُ فِي أَثِرِ الماضِينَ فِي سَنَنٍ ... نَمشِي عِجَالاً فأبطا مَشيُنَا سَرِعُ

  لكن فَقدتَ أليفَاً لا نَظِيرَ لَهُ ... فأنت من معشرٍ للصَّبرِ تَدَّرِعُ

(١) الحذاء تطلق على معنيين متضادين، فيقال قصيدة حذاء: أي قصيدة سائرة لا عيب فيها، وعلى الضد: فيقال قصيدة حذاء أي فيها حذذ، والحَذَذُ، محركةً: سُقوطُ وَتِدٍ مَجْموعٍ من البَحْرِ الكامِلِ، من عَجُزِ «مُتَفاعِلُنْ» فَيَبْقَى «مُتَفا»، فَيُنْقَلُ إلى «فَعِلُنْ»، ويريد الإمام هنا المعنى الأول.

والبدع بالكسر: الأمر الذي يكون أولاً، ويقال قصيدة بديعة، أي أتى فيها بالبديع، والمراد لم يسبق إليها.

(٢) الورقاء: الحمامة. والفنن: الغصن. والسف: الهزال. والجزع محركة: نقيض الصبر.

(٣) الأعصم من الوعول أو الظباء: ما في ذراعيه أو في أحدهما بياض وسائره أسود أو أحمر. الصدع من الأوعال والظباء: الفتيُّ القويُّ الشاب.

(٤) الخشف: ولد الظبي. والتفويق: الإرضاع، أو وقت ما بين الحلبتين يجتمع فيه اللبن.

(٥) كأس ترع: أي ممتلئ.