ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[235] وقال #: [الطويل/56]

صفحة 548 - الجزء 1

  فصبراً ذُرَى جَنبِ بن سَعدٍ وصِيدَهَا ... فكلُّ أخي مَجدٍ على الرُّزءِ صَابِرْ

  ودونكم عَنِّي على بُعدِ دَارِكُم ... هَوَادٍ غَوَادٍ لَابِثَاتٍ شَوَائِرْ⁣(⁣١)

  إذا وردت ماءً تَظَلُّ غَرَائِبَاً ... يُرَدِّدُها مُستَحسِنَاً كُلُّ شَاعِرْ

  بِهَا تُنْفَضُ الأحلاسُ فِي كُلِّ مَنزِلٍ ... وتُعْلَى وتُلوَى في العُيونِ المرَايِرْ⁣(⁣٢)

  مدحتُ بِهَا جَنبَاً حِفَاظَ مَوَدَّةٍ ... ولستُ بِمَدَّاحٍ ولستُ بِشَاعِرْ

  صميمُ الصميمِ من ذؤابةِ مذحِج ... وفِي الناس هاماتٌ وفيهم كرَاكِرْ⁣(⁣٣)

  فكم مَلِكٍ بَاعُوهُ بيضةَ مُلكِهِ ... وجيشٍ فَضَوهُ بالقنَا المُتَشَاجِرْ⁣(⁣٤)

  وكم دارِ جَبَّارٍ أناخُوا بعُقرِهَا ... برحراحةٍ تُعشِي شعاعَ النَّوَاظِرْ⁣(⁣٥)

  وهم ملأوا ما بين نَجدٍ ومَأرِبٍ ... ومِربَاطَ بالجُردِ العِتَاقِ الضَّوَامِرْ

  ولو أن هَمدَانَ بن زيد تَنَاصرَت ... كفى نَصرَهَا الحَيَّانِ نِهمٌ وشَاكِرْ

  ولكن إذا لَم ينصُروهم ففي القَنَا ... وجُردِ الوجيهيَّاتِ أكرمُ نَاصِرْ

  وصبراً إذا كَلَّ الكَمِيُّ المُصَابِرُ ... وضربٌ وطعنٌ بالقنا المُتَشَاجِرْ

  وليس أخا الهيجا العجولُ ولا الفتى الـ ... ـملُولُ ولا الأعمى الألدُ المكَاسِرْ

  ولكن يُبيتُ الرَّأي أو يستبينُهُ ... ويُقدِمُ إقدامَ الغَشُومِ المُجَاهِرْ

  يكُونُ بِهَا كَابنِ اللبونِ تَمَرُّدَاً ... فلا الظَّهرَ حَمَّالٌ ولا الدَّرَّ حَاضِرْ

  ومن لَم يُفكِّرْ فِي مصادِرِ أمرِهِ ... قُبيلَ الورودِ أعجزَتْهُ المَصَادِرْ

  ومَنْ يَنبَعِثْ حَرْبَاً بغيرِ بَصِيرَةٍ ... فَرتْهُ بأنيابٍ لَهَا وأظَافِرْ


(١) الهوادي من الإبل: أول رعيل يطلع منها. والعوادي: الإبل التي ترعى الحمض، وقد تكون غوادي بالغين المعجمة: أي المبكرة. واللبث: المكث والإقامة، أو البطيئة المشي. والشوائر جمع شورة: الناقة السمينة.

(٢) أراد تشبيه هذه المدائح لهذه القبائل في القصيدة بالإبل السمينة البطيئة المشي من سمنها، التي إذا وردت ماء لتشرب عدها أهل الماء من الإبل الغريبة، إذ ليس لهم مثلها في حسنها وسمنها، وهذه القصيدة المشتملة على المدائح العظيمة إذا قرأت بين الشعراء عدوها من الغريبة لحسن سبكها وقوة لفظها وجزالة معناها، فيستحسنون ترديدها، وإذا قرأت في بيت نفضت الفرش والبسط ونظفت استقبالاً للضيف وتهيأ للقرى.

وقوله (تعلى وتلوى) أي تحفظ وترفع في الأماكن المحفوظة، ويربط عليها بالمرائر وهي الحبال القوية الفتل.

(٣) كراكر جمع كِركرة بالكسر: وهو زور البعير الذي إذا برك أصاب الأرض.

(٤) فضوه أي فضُّوه من الفض: وهو التفريق بعد الكسر، وفك التشديد للضرورة وهو جائز.

(٥) الرحح بالتحريك: سعة في الحافر محمود.