[240] وقال # يرثي شريفين من الشرفاء بني سليمان قتلا [الأمير صلاح الدين يوسف بت المرتضى بن محمد بن القاسم، وابن عمه محمد بن عيسى بن غانم]: [الطويل/51]
  وما هَذِهِ الأحداثُ إلا سوائِمٌ ... ونَحنُ مسامٌ مِن نَصِيٍّ وعَبهَرِ(١)
  وما سالِمٌ من ريب دَهرٍ بِسَالِمِ ... ولو حاز فيها عُمْرَ سبعةِ أنسُرِ(٢)
  تأمل مَنَايَا المرسلَينَ ومن غَدَا ... لَهُمْ خَلَفَاً من ذي رَشَادٍ مُطَهَّر
  وأولادَ إسحق وأملاكَ حِميَرٍ ... وكسرى أنو شروان والملكَ قيصَر
  ألم يُفنِهم رَيبُ المنُونِ فأصبحُوا ... كمثلِ هشِيمِ الثَّلَّةِ المتَحَظِّرِ(٣)
  وهلْ سالِمٌ فيها تراهُ بِسَالِمٍ ... ولو كان في قصرٍ بِرَأسِ ذَمرمَر
  ولو كان يغنينا البكاءُ لبَادَرَ الشـ ... ـشؤون بِمَاءِ العبرَةِ المُتَقَطِّر
  ولكن بُكَانَا بالصوَارِمِ والقَنَا ... وكلِّ وَجيهيٍّ أغرٍّ مُشَهَّر
  وفتيانِ صدقٍ من لؤي بن غالِبٍ ... بَهَالِيلُ بسامون في كل عِثيَر
  إذا ثوَّبَ الدَّاعِي أجابُوا نِدَاءَهُ ... وشِيكَاً بأطرَافِ الوشيجِ المُكَسَّر
  فلا يوم لِي حتى أرى من ضُبَابِهَا ... بدارِ العَدَوِّ كالحريقِ المُسَعَّر
  وتَمشِي على هَامِ الطُّغَاةِ عوَابِسَاً ... كمشي الوُعُول ِفِي جوانِحِ مَسوَر
  وأبغي بثأرٍ لَازِمٍ لِي طِلَابُهُ ... وما أنا فيه تابعٌ كابنِ أخضَر
  وما العذرُ فِي ثَأرَي صَلاَحَاً وعَمَّهُ ... لِقائدِ أسرابِ الجيَادِ مُظَفَّر
  كَرِيمٍ مَتَى يَغَضبْ إلى نَصْلِ سَيفِهِ ... يَرُدُّ المُسَامِي كالبعيرِ المُحَسَّر
  فَقُل لِي لِفِتيَانِ الصَّبَاحِ أُولِي النُّهَى ... سُرَاةِ سُليمَانٍ سُلَالَةِ حَيدَر
  عليكُم بِلَمِّ الشَّمْلِ فالكُلُّ عَالِمٌ ... بِمَا كَانَ من أَنبَاءِ قِصَّةِ جَحْدَرِ(٤)
  وقد ذُقتُمُ طَعْمَ الفِرَاقِ فَلَمْ يدَعْ ... عَيَانُكُمُ مَندُوحَةً لِمُخَبِّر
(١) النصي كغني: الخيار، والعَبْهَرُ: المُمْتَلِئُ الجِسمِ، والعظيمُ، والناعمُ الطَّويلُ من كلِّ شيءٍ.
(٢) سبعة أنسر: عمر لقمان الحكيم، حين بَعَثَتْهُ عادٌ إلى الحَرَمِ يسْتَسقِي لَها، فلما أُهْلِكوا، خُيِّرَ لُقْمانُ بَيْنَ بَقاءِ سَبْعِ بَعَراتٍ سُمْرٍ، مِنْ أَظْبٍ عُفْرٍ، في جَبَلٍ وَعْرٍ، لا يَمَسُّها القَطْرُ، أو بَقاءِ سَبْعَةِ أنْسُرٍ، كُلَّما هَلَكَ نَسْرٌ خَلَفَ بعدَهُ نَسْرٌ، فاخْتارَ النُّسورَ.
(٣) الثلة: الصوف وحده أو الصوف مع الشعر والوبر.
(٤) هو جحدر بن ربيعة، كان من لصوص العرب وشياطينهم، يغير على الأحياء فينهبها، ويفتك بمن تعرض له منهم، واشتد شره في أيام الوليد بن عبد الملك المرواني، فاتفق عامل اليمامة مع جماعة من بني حنظلة على أسره أو قتله، وأعطاهم عطايا جزيلة، فذهبوا إلى جحدر وأوهموه العمل معه، حتى أدركوا منه غرة، فوثبوا عليه فأمسكوه وذهبوا به إلى الحجاج، فدفعه الحجاج إلى أسد جائع فقتل الأسد، فاستوزره الحجاج وولاه، بعد أن أخذ عليه أنلا يؤذي أحداً، وأخباره طويلة.