يُخَادِعُ ألبابَ القُلُوبِ وقد بَدَتْ ... شَوَاهِدُ لَا تَغبَى على مُبصِرِ الفَجْر

  إذا الدَّهْرُ أَفرَى قَالَ صاحِبُ عُذْرِهِ ... لنا مَا أرى أفرَى ولَكِنَّهُ يَفْرِي

  أَنَقبَلُ فيما عَايَنَتْهُ عُيونُنَا الـ ... ـخدَاعَ وهذي صُورَةُ الجاهِلِ الغَمْر

  أرَى حَادِثَاتِ الدهرِ تُبرِي جُسُومَنَا ... فيا لَيتَهَا رَاشَتْ هنالِكَ ما تَبرِي⁣^(⁣١)

  وإنِّي وإن لَم أكتَرِثْ بِخُطُوبِهَا ... لأعجبُ من وَجدِي وأَعجبُ مِنْ صَبْرِي

  أُقَارِعُهَا حَتَى كَأنَّ خُطُوبَهَا ... تُطَالِبُنِي وَتْرَاً وأطلُبُهَا وَترِي

  إذَا مَسَحتْ كَفَيَّ أحلاَفَ دَرِّهَا ... بَدَت بَأجَذٍّ لا يُلَيِّنُهُ نَقرِي

  لَعَاً لِبَنِي الإسلَامِ حيثُ تَوَطَّنُوا ... من الأرض فِي سهل البَسيطَةِ والوَعْر

  من الحادِثِ الطَّارِي عليهم بِمُؤْيِدٍ ... تَزْلَزَلَ ما بين العرَاقِ إلى الشِّحْر

  وفاةُ رَضِيعِ المَجْدِ يَحيى بنِ أَحْمَدَ بـ ... ـنِ يحيى كريمِ الفِعلِ مُرْتَفِعِ الذِّكْر

  تَرَدَّى ثِيَابَ الموتِ بِيضَاً فَمَا أَتَى ... لَهَا الليلُ إلا وَهيَ من سُنْدُسٍ خُضْرِ⁣^(⁣٢)

  فيَا غَاسِلِيهِ كيف تَطهِيرُ طَاهِرٍ ... ويَا حَامِلِيهِ مَا حَملتُمْ إلى القَبْر

  عليه سَلامُ الله يَتْرَى ورَوحُهِ ... على شَخصِهِ الزاكِي وأخلاقِهِ الغُرّ

  لقد كنتُ أرجو أن يعيشَ مُعَمَّرَاً ... وكيفَ يُرَدُّ الأمرُ من نَافِذِ الأمْر

  ألا فِي سبيل الله وَجدِي وَلوعَتِي ... وما حَلَّ فِي قَلبِي وضُمِّنَهُ صَدْرِي

  لنا أسوةٌ بالمصطفى البَرِّ أحمدٍ ... وسبطيهِ والزَّهْرَا وحيدرَةَ الطُّهْر

  فلو كان يُفدَى بالنفوسِ فَدَيتُهُ ... بنفسي وما أحوِي من الآل والوَفْر

  فلو دفعتَ عنه الحروبُ لأُجِّجَتْ ... بفتيانِ صِدقٍ لَا تَصُدُّ عنِ الكَرّ

  من اولاَدِ يحيى بن الحسين وصنوِهِ ... وآلِ علَيٍّ كلِّ ضَرغَامَةٍ حُرّ

  ومن شُمِّ عدنانٍ وقحطانَ فِتيَةٌ ... مَصَاليتُ يوم الرَّوعِ بالسُّمرِ والبُتْر

  ومات الوَشِيجُ الصُّمُّ بين كُمَاتِهَا ... هناكَ وبِيضُ الهِندِ ظَاهِرَةُ الأثْر

  وظلَّتْ بنَاتُ الأعوجِيِّ ولاَحِقٍ ... تَخُوضُ النَّجِيعَ كالسفَايِنِ فِي البَحْر

  ولكن قَضَاءُ الله ﷻ ... أتاه بأمْرٍ لَا يُرَدُّ على قَدْر

(١) راش السهم يريشه: ألصق عليه الريش. وبرى السهم يبريه برياً وابتراه: نحته.

(٢) هذا البيت مقتبس من قصيدة لأبي تمام الطائي.