[256] وقال #: [الرمل/28]
  وَذَا وَرَتْهُ الأدوَا فَمَارَسَهَا ... فَسَكَّنَت جَيْشَ بَطشِهِ بِمَرَسْ(١)
  وذَا فَرِيسٌ وذَا لَدِيغُ خَشَا ... شِ الدوِّ من بينِ حَيَّةٍ ونَهَسْ(٢)
  أُخنُسْ مِنَ الشَّرِّ مَا استَطَعْتَ كفعـ ... ـل ابنِ شُرَيقٍ أيَّامَ قَتلِ خَنَسْ
  يا جَامِعَ الفِقهِ سَوفَ تَتْرُكُهُ ... كَفَاكَ فِي الوَعظِ مَالِكُ بنُ أَنَسْ
  سِوَارُ تِبْرٍ غُلَّتْ فَرِيضَتُهُ ... أَحسنُ منه غِبَّاً سُؤارُ عَبَسْ(٣)
  لَو عَلِمَ المَرءُ بِالمَعَادِ لَمَا ... زَوَّرَ أفعالَ دِينِهِ وَلَبَسْ
  إختَلِسِ الصَّالِحَاتِ تَحْظَ بِهَا ... فَإنَّمَا فِعلُ الصَّالِحَاتِ حَلَسْ(٤)
  ولا تَبِتْ بَاجِحَاً بِشعرِكَ لو ... فَضَلتَ فِيهِ المُسَيِّبَ بنَ عَلَسْ(٥)
[٢٥٦] وقال #: [الرمل/٢٨]
  كلُّ مَنْ أخرجَهُ دَاعِي البَطَرْ ... فهو مَحقُوقٌ بِحرمَانِ الظَّفَرْ
  لا تَقُدْ جَيشَاً لِمُلكٍ زَائِلٍ ... وَقُدِ الجيشَ لِتُحيِي مَا دَثَرْ
  رحمَ اللهُ أبَانَا آدَمَاً ... رَكِبَ الذَّنبَ لِنسيَانِ الشَّجَرْ
  إركَبِ الصَّبْرَ علَى مُرِّ القَضَا ... إِنَّمَا فَازَ قَدِيمَاً مَنْ صَبَرْ
  واجعلِ الدِّينَ شِهَابَاً ثَاقِبَاً ... لا تُنَكِّبْ عنهُ مَا دُمتَ البَصَرْ
  قد حَلَبْنَا الدَّهرَ من أشطُرِهِ ... وشَربنَا كُلَّ مَا حَرَّ وقَرّْ(٦)
  فرَأينَا أفضلَ الكسبِ التُّقَى ... ورَأينَا أفضلَ الدينِ النَّظَرْ
(١) ورته الأدواء: أي أفسده تعدد الأمراض. والمرس: المعالجة أو المعاودة.
(٢) الخشاش مثلثة: حشرات الأرض. والدو: الفلاة. والنهس: العض بأطراف الأسنان. وفي البيت لف ونشر غير مرتب: فالفرس يناسبه النهس، واللدغ يناسبه الحية.
(٣) الغلّ: الخيانة أو السرقة. والغب: العاقبة. والسؤار: الفضلة. والعبس: ما تعلق بأذناب الإبل من أبوالها وأبعارها حتى يجف. والمعنى: أن عاقبة المال الحرام وخيمة وسيئة وأن الأحسن للمرء أخذ البعر بدلاً عن التبر الحرام.
(٤) الحلس: العهد والميثاق.
(٥) المسيب بن عَلَس: شاعر مشهور.
(٦) (حلب الدهر أشطره): مثل يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر، وهو مستعار من حَلَبَ أَشْطرُ الناقة، وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها، ثم يحلبها الثانية خِلْفَيْن أيضاً، والمعنى أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطري خيره وشره، فعرف ما فيه.
و (شربنا كل ما حر وقر): إما على أنه كناية عن الأذى، فالحر عن قليله والقر وهو البرد عن كثيره، وإما على أنه مثل المثل (حِرّة تحت قِرّة) يضرب لمن يُضْمِرُ حِقْداً وغَيْظاً ويُظْهر مُخَالصة ومحبة.