[256] وقال #: [الرمل/28]
  كم عَلِيمٍ مُدهِنٍ فِي دِينِهِ ... وجَهُولٍ بَاعَهُ بَيعَ الغَرَرْ
  إنَّ مَنْ نَامَ على عِصيَانِهِ ... مِثلُ من نَامَ على وَخزِ الإبَرْ(١)
  عَجَبَاً للمرْءِ كم يَأمُرُه ... عقلُهُ بِرَّاً فينسَى مَا أَمَرْ
  أيُّهَا المَظلُومُ لَا تَجزَعْ فَإِنَّ ... قِصَاصَ الظُّلمِ أدهَى وأَمَرّْ
  أيُّها الطَّالِبُ مُلْكَاً لم تُصِبْ ... إنَّ فيه الهُلْكَ فاسْأَلْ مَنْ خَبَرْ
  لَوْ وَعَوا ما قِيلَ فِي أربَابِهَا ... لَمْ يُقَلِّدهَا أبُو بَكْرٍ عُمَرْ
  نَعْمُرُ القَصْرَ ونُذكِي نُورَهُ ... بِرُخَامٍ وَقُصَارَانَا الحُفَرْ
  لو نَظَرْنَا فِي تنَاهِي أمرِنَا ... ما رفَعنَا حَجَرَاً فَوقَ حَجَرْ
  إنَّ عُذرِي هو مَا تَعلَمُهُ ... يا عَلِيمَاً هو أولَى مَنْ عَذَرْ
  فاغفرِ الذَّنبَ الذي تَعلَمُهُ ... إِنَّ مَنْ ذَلَّ لَهُ الجَانِي غَفَرْ
  لَيسَ لِي دُونَكَ مِن مُلتَحَدٍ ... فَتدَارَكْنِي فَقَد جَلَّ الخَطَرْ
  عجَبَاً للمرَءِ يُخزِي نَفسَهُ ... فِي صِرَاءٍ وخِيَارٍ وحِمَرْ(٢)
  لو وَقَاهَا شَرَّ مَا تَحذَرُهُ ... نَفعَ المرءَ لدَى الحَشرِ الحَذَرْ
  هذهِ كَفَي بِمَا اسلَفْتُهُ ... فَخُذِ اللَّهُمَّ عَدلَاً أو فَذَرْ
  توبَةٌ خَالِصَةٌ أرجُو بِهَا الـ ... ـفوزَ يومَ البعثِ مِنْ مَسِّ سَقَرْ
  حاذِرِ الإصرَارَ يَا جَانِي الخَطَا ... إنَّمَا يَصلَى لَظَاهَا مَنْ أَصَرْ
  نَحنُ أولى النَّاسِ بالشُّكرِ وقَدْ ... وعَدَ اللهُ مَزِيدَاً مَنْ شَكَرْ
  أكثرُ النَّاسِ غُرَابٌ هَمُّهُ ... بَطنُهُ يَحْجُلُ شوقَاً للقَذَرْ(٣)
  إنَّ للدُّنيَا قِتَالاً فاحذَرَنْ ... أن تَكونَنْ بعضَهُمْ تَغَدو هَدَرْ
  كم تَفَانا دُوَنَها أربابُهَا ... زُمَرَاً مُلَعونَةً بعد زُمَرْ
  إنّ مَنْ رامَ نَجَاةً بالمُنَى ... مِثْلُ من رَامَ مَطِيرَاً من حَجْر
(١) الوخز: الطعن غير النافذ.
(٢) الصراء: الحنظل وماؤه. والخيار: المال. والحمر: الشر.
(٣) حجل الغراب: إذا نزا في مشيه.