[2] وقال # وقد اجتهد قوم من روافض الشيعة في قطع مواد المنافع عنه حتى ضاقت به الحال وانتقل عنهم، وعاد بعد ذلك هذه: [البسيط/30]
  كَيفَ الثِّوَاءُ عَلَى دَارٍ وَسَاكِنُهَا ... يَحبُو العُقَابَ بِمَا تُحْبَى بِهِ الحُمَرُ(١)
  لَا مَجدَ إِلَا لِمَن فِي صَحنِ جُثَّتِهِ ... صَدرٌ بِمَاءِ لُعَابِ الشَّمسِ مُستَطِرُ(٢)
  يُجَشِّمُ الَّليلَ نَفسَاً لَا يَضِيقُ بِهِ ... طَعْمُ الرُّقَادِ لَدِيهِ آَسِنٌ مَقِرُ(٣)
  قُم يَا نَدِيمُ أَرِق مَاءَ المَنَامَ فَقَد ... بَانَ الخَلِيطُ وَلَمْ يَأوُوا لِمَن وَدَرُوا(٤)
  وَسَقِّنِي خَمرَةً مِلْ شِيْزَ صَافِيَةً ... تُثنِي الرُّؤوسَ ومَا حَرَّمْنَهَا الزُّبُرُ(٥)
  مَن لاَنَ للنَّاسِ عِطفَاً قَالَ قَائِلُهُم ... أَأَضعَفُ النَّاسِ رُكنَاً أنتَ يَا بَشَرُ
  مَن لَمْ يَنَل حَاجَةً والرُّمحُ مُطّرِدٌ ... لَدْنُ الكُعُوبِ يَنَلهَا وهو مُنكَسِرُ
  لَا تَخشَ ظُلْمَةَ لَيلٍ فِي سُرَاكَ مَعِي ... فَإنَّ بَينَ ضُلُوعِي النَّارَ تَستَعِرُ
  دَعنِي أُصَاحِبُ وَحشَ الدَّوِّ آوِنَةً ... مِن الزَّمَانِ فَإنَّ النّاسَ قَد غَدَرُوا(٦)
  خَانَ الأنَامُ فَلَا خِلٌّ وَلَا ثِقَةٌ ... وَلَا عِمَادٌ وَلَا رُكْنٌ وَلَا وَزَرُ
  لَو مَدَّ أَوسٌ ذِرَاعَيهِ لِيُضجِعَنِي ... لَنِمتُ ثَمَّ وَلَا خَوفٌ وَلَا حَذَرُ(٧)
  أَو صَاحَ بِي الأبْرَدُ المَخشِيُّ صَولَتُهُ ... لَمَا تَخَالَجَنِي عَن وَصلِهِ الذَّعَرُ(٨)
  وَلَو دَعَانِي مَن فِي وَجهِهِ أَثَرٌ ... مِن السُّجُودِ لَشَظَّا قَلبِيَ الأَثَرُ(٩)
  لَا بُدَّ مِن يَومِ حَفلٍ للعِتَاقِ وللـ ... ـبِيضِ الرِّقَاقِ عِتَابٌ فِيهِ مُنتَظَرُ
  وينجلي الشركُ من دين النّبي فلا ... يُرى لقائلِهِ عينٌ ولا أثرُ
(١) الحباء: الإعطاء، والعقاب: طائر معروف، والحُمَر: جمع حُمَّرَة بضم الحاء وتشديد الميم: وهي ضرب من الطير كالعصافير.
(٢) الصحن: المراد به جوف الإنسان، ولُعَابُ الشَّمْس: شيء تَراه كأَنه يَنْحَدِر من السماءِ إِذا حَمِيَتْ وقامَ قائمُ الظَّهِيرة، وقِيل: لُعابُ الشمس ما تراه في شِدَّة الحرّ مِثْلَ نَسْجِ العنكبوت؛ ويقال: هو السَّرابُ.
والمعنى: لا ينال المجد إلا من كان في جوفه صدر له همة عالية يكاد لهمته يتخذ من لعاب الشمس كتابة.
(٣) جشم الأمر: تكلفه بمشقة. الآسن: الآجن المتغير. والمَقِر: ككتف: المر الحامض.
(٤) الخليط: المخالط أو الشريك، ولم يأووا: أي يسكنوا أو يجتمعوا، لمن: أي للذي، ودروا: يقال: وَدَّر الرجلَ تَوْدِيراً: أَوقعه في مَهْلَكَةٍ، وقيل: هو أَن يُغْرِيَهُ حتى يتكلف ما يقع منه في هَلكَةٍ، يكون ذلك في الصدق والكذب، وقيل: إِنما هو إِيرادك صاحبك الهَلَكَةَ.
(٥) (في حاشية الأصل) مِلْ شِيْز: يعني ملء الشِّيز، والشيز: الخشب الذي تصنع منه القصاع، والمعنى ملأ الكأس.
(٦) الدَّو: بالتخفيف الفلاة.
(٧) الأوس: الذئب.
(٨) الأبرد: هو النمر، وجمعه ابَارد، وأنثاه أبرده.
(٩) شظا الشيء: تفرق وتشقق وتطاير، والمراد الإشمئزاز والنفور.