ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[7] وقال # وقد انكسر عسكره بعجيب: [خفيف/22]

صفحة 75 - الجزء 1

[٧] وقال # وقد انكسر عسكره بعجيب⁣(⁣١): [خفيف/٢٢]

  حَمَلتنِي آثَارُ آبَائِي الصِّيـ ... ـيدِ وأفعالُهُم عَلَى الإقدَام

  صَيَّرَت عندِي العَظِيمَ ذَمِيمَاً ... إذ تَيقَّنْتُ مَا يكُونِ أمَامِي

  خَيرُ أيّامِ المرءِ يَومٌ يُعادِي ... فِيهِ أعداءَ رَبَّه ويُرامِي

  وَطعَانُ الكُمَاةِ أَشهَى إلَينَا ... مِن سَمَاعٍ وَقَيْنَةٍ ومُدَامِ⁣(⁣٢)

  كَم فَتَىً لَامَنِي وقَد جَاشَتِ الحَرْ ... بُ إِلينَا بِكَهلِهَا والغُلَام


(١) عجيب: بوزن رشيد، نقيل بين البون وظاهر حاشد، وكان فيه وقعة للإمام المنصور بالله # مع الغز فِي أيام إمامته الصغرى (الإحتساب)، وذلك أن سيف الإسلام طغتكين الأيوبي لمَا جعل ولاية كوكبان لولده إسماعيل وأعماله وجه إسماعيل الأمير عيسى فِي ثلاثمائة فارس ورجل كثير إلى بني صريم، فأظهر الفساد من ارتكاب الفواحش، وشرب الخمور فِي المساجد، وَلَمْ يترك شيئاً من المنكرات إلا أتاه، حتى فعلوه فِي مسجد حوث، وكانوا مستقرين بثافت عند بني المكم فأخذوا أموالهم، وأرادوا قتلهم، فوقع الحرب بينهم، فأمروا صارخاً فِي بكيل ووادعة، فأقبل الناس من كل جهة ودامت الحرب إلى الليل فهزموا الغز، وخرجوا فِي اليوم الثاني فهزموهم وقتلوهم وأخذوا أموالهم وعقروا الخيول والبغال والجمال والدواب، فتقوت عزائم العرب، وكان إسماعيل فِي ثلا وجيشه قدر ثمانمائة فارس والرجل عدد كثير، فقصدهم بكيل ووادعة ومن معهم من القبائل فهزموهم وأخذوا محطتهم بمَا فيها من الدواب والسلاح والأموال والآلات، فلمَا علم طغتكين بهذه الهزيمة أرسل (بوزبا) وهو المتولي على صنعاء وكان شديد العزيمة عارفاً بالحرب، فأرسله طغتكين فِي جيش كثيف، فلمَا علم القبائل بذلك فزعوا إلى الإمام # لأنهم علموا أنه لن يدفع شر العجم إلا رجل من أهل البيت، فوصل المشائخ من آل المكم، وآل القبيب وبكيل وحاشد ووادعة وبني صاع وغيرهم، وسألوه التقدم معهم وألحوا عليه فِي السؤال، فطلع الإمام إلى الظاهر فاجتمعت اليه القبائل من وادعة وحاشد وبكيل والصيد وغيرهم فحلفوا له الأيمان المؤكدة الغليظة على المناصرة، فلمَا علمت الغز بذلك اضطرب أمرهم، فنهض بوزبا بعساكره فحط (بريدة)، وكان عدد الخيل مع الإمام قدر (٨٠) فارساً، والرجل كثير أهل الفياس قدر ألفين وخمسمائة وسائر أهل السلاح جم غفير، وكان عدد الغز (٨٠٠) فارساً، والرجل شيء كثير، فأراد الإمام أن يبيتهم فِي محطتهم ويترك (١٠٠٠) ألف راجل فِي (تلفم) (حصن مطل على ريدة) فوقع الخلل فِي عسكره، فوصل جماعة منهم إلى بوزبا فأعطاهم الأموال لهم ولمن بقي من المشائخ فِي عسكر الإمام، فأرجفوا بأن كبار العسكر قد خالفوا الإمام حتى تقوت عزائم الغز، فلمَا التقى الفريقان انهزم أصحاب الإمام، وَلَمْ يبق معه إلا القليل، فأشاروا عليه بالانصراف، فقال: (لابد من لقاء القوم) فنزل فِي جماعة قليلة يؤم الغز حتى لقيهم وجهاً لوجهٍ وَلَمْ يبق معه من الخيل سوى ثمانية فرسان أو تسعة وقدر خمسة عشر راجلاً، فقاتل الإمام بمن معه قتالاً لا مثيل له، حتى أدخل الله الرعب فِي قلوبهم فانهزموا هزيمة منكرة، لأنهم لما رأوا راية الإمام فزعوا وهربوا، وقتل مع الإمام # قدر (١٤) رجلاً وهو لازم لا يثني عنان فرسه حتى تخلص باقي أصحابه، وألم به العدو من كل جانب من أمام وخلف ويمين وشمال ولم يبق بينه وبين العدو راجل ولا فارس، وَلَمْ يقدم عليه أحد لما رأوا من شده بأسه، وشجاعته #، فألقى الله الهيبة فِي صدورهم لما علم في بقائه من صلاح الإسلام والمسلمين حتى تفرق القوم عنه، ورد الله عنه كيدهم، ولما حكى الإمام قصة هذه الوقعة أقسم بالله ما دخل قلبه خوف ولا فزع ولا رهبة من القتل وأن الشهادة كانت أحب إليه، لولا ما رجاه من أن سلامته أصلح للإسلام والمسلمين. (بإختصار من التحفة العنبرية - اللالي المضيئة - الدر المنثور).

(٢) المُدام: اسم من أسماء الخمر.