ديوان الإمام المنصور بالله (ع)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[قيام الإمام ودعوته]

صفحة 310 - الجزء 1

  قُدْنَا إليه عُصَباً كالنَّمْلِ ... والعجم قد غَطَّتْ سهولَ السَّهْل

  وكُلُنَا فِي عسكر جرَّارِ ... والنار قد شُبَّت إزاء النَّار

  والعَسكَرَانِ كَالجَرَادِ المُنتَشِرْ ... وَكُلُّنَا مُرَادُهُ أن لَا يَفِرْ

  فخالَفَت مُرَادَنَا الأعرَابُ ... والحادِثَاتُ فَلَهَا أسبَابُ

  وانحدَرُوا كَالسَّيلِ من رَأسِ الجَبَلْ ... والبِيض بالبيضِ عَلَيهِم كَالشُعَلْ

  فَجَاشَتِ العُجُمُ إليهم كَالدُّبَا ... يَقُودُهُم فِي يَومِ ذَاكَ بُوْزَبَا

  فَصرِتُ فِي أمرٍ عَظِيمٍ هَائِلِ ... لَا أستَطِيعُ رَدَدَ القبَائِل

  فلم أَجِد بُدَّاً سِوَى الإقدَامِ ... مُستهوِيَاً لِمَورِدِ الحِمَام

  وكُلُّ من حَولِيَ يَعذُلُونِي ... وهم بعذلِي فِي الوغى يُغْرُونِي

  ونَحنُ نَحْو القومِ نَهوِي شُوْسَا ... والجيشُ عَنَّا قد ثَنَى الرُّؤسَا

  وَنَحنُ فِي سَبعَةِ فُرسَانٍ نُجُبْ ... كَأنَّهم يومَ الوَغَى بِيضُ الشُّهُبْ

  فأوجبَ الرَّأيُّ انْحِيَازَ الكُلِّ ... مِنَّا و لا عن فَشَلٍ و ذُلّ

  بَعدَ تَوَلِّي النَّاسِ عَنَّا طُرَّا ... مِن كُلِّ مَن كَانَ يَرُومُ الكَراَّ

  فهذِهِ حَادِثَةٌ قد كَانَت ... أَبَانَتِ الأمرَ لنَا وبَانَتْ

  فَعُفْتَ بعدَ هَذِهِ أمرَ العرَبْ ... حَتَّى استبَانَ الأمرُ عِندِي وَوَجَبْ

[قيام الإمام ودعوته]

  فقُمتُ أدعو الناس جَمعَاً جهرَا ... وأبتغي فِي عرض ذاك العُذرَا

  فأقبل النَّاسُ إلينَا عن يَدِ ... جَاهِلُهُم فِيمَا نَرَى والمُهتَدِي

  وبَايعونَا بَيعَةَ الإخلاَص ِ ... مُطِيعُ من شَاهَدَنَا والعَاصِي

  فلم تَقُم إِلَا لَيالٍ قِلَّه ... حَتَّى استبَانَ فِي الكَثِيرِ الذِّلَّه

  فَنَكَثَت عَصَايبُ التَّطرِيفِ ... واعتمدَت فِيهِ على التَّحرِيف

  إلَا نُفُوسَاً مِنهُمُ قَلِيلَه ... مَا وَجَدَت إلَى التَّوَلِّي حِيلَه

  وخَذَلَ البَعضُ من الزَّيدِيَه ... ولَم يُؤيَّد فِعلُهُم بِنِيَه


= فحاربهم (ع) حربا شديدا بمن معه، وقتل بين يديه قدر أربع عشرة رجلا، ثم أحاط به الأعداء من جميع الجوانب ولم يبق بينه وبينهم فارس ولا راجل فلم يتجرأ أحد على الإقدام إليه خوفا وهيبة ألقاها الله فِي قلوبهم.