إجماع أهل البيت $ حجة
  أقول وبالله التوفيق: لا شك عند أهل البصائر أن إجماع أهل بيت النبي ÷ حجة قاطعة، بل هو الإجماع حقيقة، بل هو الحجة على الإجماع، ولم يقل بعدم حجة إجماعهم إلا من جانب الطريق المستقيم، كيف والأحاديث طافحة بالحث على اتباعهم، والتمسك بهديهم، والآيات دالة على تطهيرهم من الرجس ووجوب مودتهم، فلا يقول بعدم حجة إجماعهم إلا من عدم التوفيق وحاد عن الطريق، ولنورد الأدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية المتواترة على أنهم جماعة معصومة عن الخطأ، أما الكتاب فقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: ٣٣]. وجه الدلالة أنه تعالى أخبر خبرًا مؤكدًا بالحصر (بِإِنَّمَا) بإرادته إذهاب الرجس عنهم وطهارتهم عنه الطهارة الكاملة، وليس الرجس إلا ما يستخبث من الأقوال والأفعال، ويستحق عليه الذم والعقاب؛ لأن معناه الحقيقي لا يخلو عنه أحد مِنْهُم، وليس المراد إذْهابهُ عن كل فرد؛ لأن المعلوم خلافه، فيتعين أن المراد إذهابه عن جماعتهم، وهو المطلوب، وليس المراد بأهل البيت أزواجه؛ لأنه ÷ قد بين المراد به في أحاديث كثيرة بالغة حد التواتر، مِنْهُا ما ذكره في جامع الترمذي بالإسناد إلى ابن عباس قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...} الآية، نزلت في رسول الله ÷ وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والرجس الشَّكُّ وفيه بالإسناد إلى واثلة بن الأسقع قال: أتيت فاطمة أسألها عن علي # فقالت: توجه إلى رسول الله ÷ فجلست أنتظر حتى جاء رسول الله ÷ ومعه علي والحسن والحسين أخذ كل واحد مِنْهُما بيده حتى دخل فأدنى عليًا وفاطمة وأجلسهما بين يديه وأجلس حسنًا وحسينًا كل واحد مِنْهُما على فخذه ولف عليهما بثوبه أو قال: كِسَاُه ثم تلا هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: ٣٣]. ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق»(١) أخرجه من ثلاث طرق، في إحداها أحمد بن حنبل واللفظ له وغير ذلك في تفسير الآية، ومِنْهُا: قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣]. دلت هذه الآية على أن مودتهم واجبة وأنها طاعة، فيكونوا على الحق، وإلا حرمت مودتهم لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
(١) أمالي المرشد بالله الحديث السابع فضل أهل البيت، وأحمد برقم (١٦٣٧٤)، والبيهقي برقم (٢٩٨٤)، ومعجم الطبري برقم (١٧٦٢٦).