فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

خواص العلة

صفحة 160 - الجزء 1

  حكم ثبوتي كالزنا في وجوب الحد أو عدمي كالإسراف في عدم نفاذ التصرف وسواءً كان الإثبات عارضًا كالشدة في الخمر لأنها تعرض بعد أن لم تكن، ونعني بالشدة: الإسكار أو لازمًا كالثمنية في النقدين فإنهما ثمن لما قابلهما أبدًا ومِنْهُا: أن تكون منفردة أي ذات وصف واحد وهو كثير كالإسكار وكالكيل في ربا النسيئة ومِنْهُا: أن تكون مركبة، إما من وصفين كالكيل والجنس في ربا الفضل والإيجاب والقبول في ملك المبيع والنكاح أو أوصاف، كقولنا: قتلٌ عمدٌ عدوانٌ ومِنْهُا: أنها قد تكون في محل الحكم المعلل به خلقًا لله تعالى وتكون إما ثابتًا كطُعم الربويات عند من يعلل به وإما مفارقًا كالصغر إذا علل به فساد البيع فإنه يزول بعد وجوده وقد يكون فعلًا للمكلف كقتلٍ وسرقٍ، ومِنْهُا: أنها قد تكون حكمًا شرعيًّا كتعليل عدم صحة بيع الكلب بكونه نجسًا وعقليًا كالإسكار، قوله:

  ٢٥٣ - وَقَدْ يَجِيْ عَنْ عِلَّةٍ حُكْمَانِ ... فَاحْفَظْ كَلَامِيْ واستمعْ بَيَانِيْ

  أي ومن خواصها أيضًا أنه قد يجيء عن علة واحدة حكمان.

  اعلم أن القسمة العقلية لصدور الحكم عن العلة يقتضي صدور حكم واحد عن علة واحدة وصدوره عن علتين فصاعدًا وصدور حكمين فصاعدًا عن علة واحدة، وهذا القسم هو الذي نبه عليه الناظم وخصه بالذكر للقول بامتناعه عند بعضهم، والرابع: صدور أحكام عن علل فالقسم الأول لا خلاف فيه ومِنْهُ أكثر الأحكام كالكيل في ربا النسيئة وقد يكون بغير شرطٍ كالزنا والجلد وبشرط كالزنا والرجم بشرط الإحصان، والقسم الثاني سيأتي قريبًا إن شاء الله، والثالث: قيل ممتنع والمختار جوازه إثباتًا كالسرقة للقطع والفسق لمصلحة الزجر ونفيًا كالحيض للصلاة والصوم والجماع ودخول المسجد والقراءة، وقد يكون ذلك أعني صدور الحكمين فصاعدًا عن العلة إما بغير شرط كوجوب الكفارة والإثم عن الحِنْثِ وبشرطٍ كوجوب الدية على العاقلة ووجوب الكفارة فإنهما صدرا عن القتل بشرط الخطأ، قوله:

  ٢٥٤ - وَصَحَّحُوا أيضًا تَقَارُنَ العِلَلْ ... كذا تَعَاقُبًا لَها نِلْتَ الأَملْ

  أشار الناظم غفر الله له إلى تقارن العلل وقد سبقت الإشارة إليه قريبًا وهو القسم الثالث أعني صدور حكمٍ عن علتين فصاعدًا، كل واحدة مِنْهُما توجب ذلك الحكم، مثاله أن يزني رجل وَيَرْتدَّ ويقتل نفسًا بغير حق فإنه يقتل بمجموع ذلك وكقوله ÷ في دُرة بضَمِّ المهملة بنت أم سلمة وقد بلغهُ تحدث النساء أنه يريد أن ينكحها: «إِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَةً لِي فِي حِجْرِي لَمَا حَلَّتْ