بيان المفهوم
  بالاقتضاء، والإيماء والإشارة أحوال للمذكور، ولكنها غير مذكورة في العبارة، وإنما هي مدلول عليها بالالتزام بخلاف المفهوم، فليس حالًا للمذكور كتحريم الضرب مثلًا، فليس حالًا للتأفيف وعدم وجوب الزكاة في المعلوفة ليس حالًا للسائمة، بيان ذلك فيما ذكرنا من الأمثلة أن المؤاخذة والأهل والتمليك والعلية ومساواة مدة الحيض لمدة الطهر في بعض النساء، وأقل مدة الحمل وجواز الإصباح جنبًا أحوال غير مذكورة لمذكورات هي الخطأ والنسيان والقرية والعبد والمعلول وبعض النساء والحمل والصائم فلا اشتباه بينهما كما يتوهم. ثم أشار إلى بيان المفهوم فقال:
بيان المفهوم
  ٣٨٩ - وبعدَهُ المفهُومُ نَوعَانِ أَتى ... مُوافِقًا منطوقَهُ قَدْ ثَبتَا
  ٣٩٠ - فإنْ يَكُنْ أتى بِمَعْنى الأوْلَى ... فَإِنَّهُ فَحْوَى الخِطَابِ أَوْلَا
  ٣٩١ - فَإِنَّهُ لَحْنُ الخِطَابِ إِنْ أَتَى ... مُسَاوِيًا أو دُونَ ذاكَ يَا فَتى
  أي وبعد المنُطْوق والمفْهُوْمُ.
  اعلم أنَّ ما يستفاد من اللفظ باعتبار أنه يفهم مِنْهُ يسمى مفهومًا، وباعتبار أنه قصد مِنْهُ يسمى معنى، وباعتبار أنه دالٌ عليه يسمى مدلولًا عليه، وباعتبار أنه وضع له اسم مسمى فهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، ويرد عليه ما يرد على حد المنطوق، والأولى أن يقال: ما أفاده اللفظ من أحوال لآخر غير مذكور، وهو نوعان كما أشار إليه الناظم: الأول مفهوم الموافقة، وهو أن يكون المسكوت عنه موافقًا للمنطوق به في الحكم، وهو أيضًا نوعان، لأنَّهُ إما أن يكون الحكم في غير المذكور أولى مِنْهُ في المذكور أوْلَا، الأول: هو ما أشار إليه بقوله: فَإِنَّهُ فَحْوَى الخِطَابِ: أي يسمى فحوى الخطاب نحو: قوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣]، فإن تحريم التأفيف المنطوق به يدل على تحريم الضرب بطريق الأولى، وهما متفقان في الحكم وهو التحريم، وكالجزاء بأكثر من مثقال ذرة، فإنه أولى وأشد مناسبة للجزاء مِنْهُ بمثقالها المذكور في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ ...} الآية [الزلزلة: ٧] وما دون القنطار أشد مناسبة للتأدية من القنطار المذكور في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ