مفهوم العدد
  بالعكس نحو: إنما زيد قائم، فإنها تفيد ثبوت القيام له منطوقًا ونفيه عما عداه مفهومًا؛ لأنها لإثبات ما بعدها، ونفي ما عداه كما حققه أئمة النحاة، وأشار بقوله: قِيْلَ: إلى الخلاف، هل مفهوم العدد والحصر منطوقان، أم مفهومان؟ وهذا ذكره صاحب «الكافل» وقد قال بعض الشراح: إنه لا يحفظ مخالفًا فيه أنه ليس بمنطوق يعني مفهوم العدد فقط، ولم يذكر الخلاف صاحب «الفصول» مع تتبعه جميع الخلافات، وأما مفهوم (إنما):، فالقائل بأنه منطوق: أهل المعاني، كما أشار إليه الناظم، وإنما أراد الناظم مفهوم النفي، والاستثناء ومفهوم (إنما): لا ما قصده المصنف، قال ابن أبي شريف: وهو الذي يثلج له الصدر، إذ كيف يقال: في (لا إله إلا الله): إن دلالتها على إثبات الإلهية لله تعالى بالمفهوم، وهو الذي أطبق عليه علماء المعاني والبيان، وأما الفصل بين المبتدأ والخبر المعرف بنحو: أَلْ، مثل: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ}[الشورى: ٩] و {إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}[البقرة: ١٢٠] وكذا ما عُرِّفَ فيه المبتدأ، بحيث يكون ظاهرًا في العموم سواءً كان صفة أو اسم جنس، ويكون الخبر أخص مِنْهُ بحسب المفهوم سواءً كان علمًا أو غير علم، نحو: العالم الله، والكرم في العرب، والأئمة من قريش وصديقي أخي، ومِنْهُ قوله ÷: «تحريمها التكبير» وكذا عكسه كذلك عند علماء المعاني مثل: اللهُ العالمُ، ومثال تقديم المعمول نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}[الفاتحة: ٥] {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٥١}[البقرة: ٤٠]، أثبته أئمتنا والجمهور لا ستقراء استعمال الفصحاء، وقد أطبق عليه أئمة النحو، وأئمة التفسير. ثم أشار إلى شرط الأخذ بمفهوم المخالفة فقال:
  ٤٠٤ - والشرُط أَنْ لَّا يَخْرُجَ الكلامُ ... فِيْهِ عَلى الأَغْلَبِ والسَّلَامُ
  ٤٠٥ - وَلَا جَوَابَ لِسُؤَالٍ أوْرَدَهْ ... كَلَّا وَلَا حادثةٍ مُتْجَدِّدَهْ
  ٤٠٦ - أَو نحو: تقديرِكَ للجهالَهْ ... فَمَا لَهَا حينئذٍ دَلَالَهْ
  ٤٠٧ - أو غيرِها مَرَّ بغيرِ نُكْرِ ... مِمَّا اقْتَضىَ تَخصِيصْهُ بالِذكْر
  اعلم أن شرط الأخذ بمفهوم المخالفة على القول به والعمل بمقتضاه، بأن لا يخرج الكلام مخرج الأغلب المعتاد، وإلا لم يؤخذ به كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[البقرة: ٢٨٢]، فمفهومه أنه لا يُعْمَلُ بشهادة الرجل والمرأتين إلا مع عدم الرجال، وهذا غير معمول به اتفاقًا، لخروجه مخرج العادة من أنه لا يعدل إلى النساء مع إمكان الرجال، وكذا وجوب الرهن المشروط بالسفر في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ