فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

العموم والخصوص

صفحة 267 - الجزء 1

  الْمُحْصَنَاتِ}⁣[النساء: ٢٥] يقاس عليهن العبيد، وأما بالعقل، فمثاله قوله ÷: «أيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رواه ابن أبي شيبة [٤/ ٤٤٤]، والبيهقي [٥/ ١٦٥]، ورجاله ثقات، واختلف في رفعه ووقفه، فعموم لفظه يتناول الصبي والمجنون، وَخُصَّا بالعقل لاستحالة إرادتهما، قوله:

  ٥٢٧ - وَهَكَذَا المَعْلُوْمُ بالمظنُونِ ... مِنَ الأحاديثِ بغيرِ مَيْن

  المراد بالمعلوم المتواتر، وبالمظنون الآحادي، وقد سبق ذلك قريبًا من حديث الزكاة، وإنما يخصص الأقوى بالأضعف؛ لأنه بيان لا إبطال، قوله:

  ٥٢٨ - وَجَازَ أَنْ تُخَصِّصَ الإِرَادهْ ... غَيرَ عُمُومِ الشَّرعِ لِلْإفَادَهْ

  اعلم أن جواز التخصيص بالإرادة عند القاسمية والفريقين⁣(⁣١) في غير عموم الشرع، كمن حلف لا يأكل الطعام إلا البر، والمراد بذلك أن يكون من دون قرينة تدل على التخصيص لا لفظية، ولا معنوية، وهو مما لم يذكره المصنف، وقد ألحقته هنا لكونه معمولًا به، والله أعلم، قوله:

  ٥٢٩ - ثُمَّ العمومُ أبدًا لَا يُقْصَرُ ... بِسَبَبٍ مِنْهُ فَخُذْ مَا يُؤْثَرُ

  اعلم أن مختار أئمتنا والجمهور: أن العموم لا يُقْصَرُ على سببه الخاص، وتحقيق الكلام في هذا المقام: أن الخطاب الوارد على سبب إما أن يكون ذلك السبب السؤال أو غيره، إن كان سببه السؤال، فإما أن يكون الجواب مستقلًا بنفسه، بحيث لو ابتدئ به لكان كلامًا تامًا مفيدًا أو غير مستقل، فإن كان غير مستقل كان الجوابُ تابعًا للسؤال في عمومه وخصوصه، أما العموم: فكما روي عن النبي ÷: أَنَّهُ سُئِلَ عن بيع الرطب بالتمر، فقال: «أَينْقُصُ إِذاَ جَفَّ؟ قالوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذًا»: فإن السؤال لما كان غير مختص تبعه الجواب في العموم، وأمَّا: الخصوص فكما لو سأله سائل فقال: تَوَضَّأْتُ بِمَاءِ البَحْر، أيُجْزْينْي؟ فقال له: يجزيك، فهذا وأمثاله لا يدل على التعميم، وإن كان الجواب مستقلًا بنفسه، فلا يخلو إما أن يكون مساويًا أو أخص أو أعم، فحكم المساوي حكم غير المستقل، نحو: أن يسأل سائل فيقول: جامعت أهلي في نهار رمضان: ماذا عليَّ؟ فيقال: لَهْ: عليك كفارة كالظهار، ومثال الثاني: أعني عموم المساوي، أن يقال: ما على من جامع في نهار


(١) الشافعية والحنفية، والله أعلم.