فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

العموم والخصوص

صفحة 271 - الجزء 1

  الاشتراك في جميع الوجوه، قوله:

  ٥٣٢ - والعامُ إن خُصِّصَ فَهْوَ يَا فَتَى ... حَقِيْقَةٌ فِيْما بَقِيْ قَدْ ثَبَتَا

  اعلم أن المختار من أربعة عشر قولًا: أن العام بعد تخصيصه لا يصير مجازًا فيما بقي، بل هو حقيقة فيه على أي وجه وقع التخصيص، وهو مذهب بعض أئمتنا $، ومذهب الحنابلة وكثير من الحنفية والشافعية والمعتزلة، وقال جمهور أئمتنا والمتكلمين: بل مجاز مطلقًا، وقال الكرخي والغزالي وأبو الحسين والرازي: إن خص بمتصل من استثناء أو صفة أو شرط أو غاية فحقيقة، وإن خص بمنفصل من عقلٍ أو سمعٍ فمجاز، وقال القاضي: إن خص بمنفصل فمجاز، وإن خص بمتصل، فإن كان استثناء فمجاز، وإن كان صفة أو شرطًا فحقيقة، وقيل: إن خص بلفظي متصل أو منفصل فحقيقة، وإن خص بمعنوي عقلي أو شرعي فمجاز، وقال المنصور: إن كان الباقي هو السابق إلى الفهم عند إطلاق العموم لا المخرج، فحقيقة، وإلا فجاز نحو: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥] ثم خص أهل الكتاب؛ لأن السابق إلى الفهم مِنْهُ عَبَدَةُ الأوثان، ومعنى قوله: لا المخرج، أي المخرج من ذلك الخاص، نحو: لا تقتلوا أهل الكتاب ثم خص اليهود وأمر بقتلهم فهو مجاز؛ لأنه خرج مِنْهُ ما سبق إلى الفهم دخوله تحت العام، وقال الجويني: حقيقة فيما تناوله الباقي مجاز في الاقتصار عليه، والحفيد: كذلك في المنفصل لا المتصل فحقيقة، وحجة أهل القول الأول الذي أشار إليه الناظم استدلال الصدر الأول به مع التخصيص مثل عموم: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ...}⁣[النساء: ١١] الآية، مع أنه مخصص العموم بالكافر والقاتل، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد معارض، والعموم كان حجة قبل التخصيص. والله أعلم، قوله:

  ٥٣٣ - وأَنَّهُ يصِحُّ تَخْصِيْصُّ الخبَرْ ... كالحُكمِ في الإِنْشَاءِ حيثُ يُعْتَبَرْ

  الضمير في أنه للشأن والمراد أن المختار عند الأكثر: أنه يصح تخصيص الخبر كما يخصص الإنشاء نحو: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الرعد: ١٦] {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٥٠}⁣[الروم: ٥٠] {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ٤٢}⁣[الذاريات: ٤٢] الآية، فإنه تعالى ليس خالقًا لذاته، ولا قادرًا عليه، والريح أتت على الجبال والأرض ولم تجعلها رميمًا، ولم تُؤْتَ السماوات.