فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 3 - الجزء 1

مقدمة التحقيق

  

  الحمد لله رب العالمين، الذي عرفنا أصول نعمه، وألهمنا فقه أسرار كتابه، وبين لنا الغاية من نسخ بعض أحكام آياته، لسبق علمه بأحوال عبادهِ، الغالب عليهم الضعف والتقصير، فقال في كتابه المنير {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٠٦}⁣[البقرة: ١٠٦]. الذي أنزل على نبيه المبعوث بخاتم الرسالات كتابه المبين، فيه آياتٌ نيّرات واضحات، هُنَّ أم الكتاب، وأُخر متشابهات، وأمرنا بردِّ المتشابه منها إلى ما أحكم تقديره وأحسن تعليله، فقال مخاطبًا رسولَهُ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧}⁣[آل عمران: ٧]، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي أصّل الأصول، وركب العقول، فله الحمد والمِنّة، ونسأله كشف الكرب والغُمّة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله مبين أدلة الأحكام، حلالها والحرام، وخاصّها والعام، المبعوث رحمة إلى كافة الأنام ÷ الذين اختصهم بالصلاة عليهم معه في الصلاة، وحرم عليهم كما حرم عليه الزكاة، وجعل أجرة سفارته المودة لهم فقال جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ...}⁣[الشورى: ٢٣]. وأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا فقال ø: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب: ٣٣]. وبينهم نَبِيُّهُ تبيينًا واضحًا منيرًا فقال ÷: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا مِنْ بَعْدِي أَبَدًا كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، إِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ نَبَّأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»⁣(⁣١). وَلَفَّهُمْ بكسائه فقال ÷: «اللهم هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ


(١) مناقب أمير المؤمنين ٢/ ٩٨ لشيخ الإسلام وحافظ علوم العترة الكرام محمد بن سليمان الكوفي برقم (٩٨، ١٠٥، ١١٤)، وتيسير المطالب في أمالي أبي طالب ١/ ٣١٢، ٦٠٥، ١٤٠، الترمذي ١٢/ ٢٥٦ رقم (٣٧١٨)، وأمالي المرشد بالله ١/ ٢٦٧، والأمالي الخميسية ١/ ٢٩٩، الحاكم ١٠/ ٣٧٧ رقم (٤٥٥٣)، وأحمد ٢٢/ ٣٢٤ رقم (١٠٧٧٩)، النسائي في السنن الكبرى ٥/ ٤٥ رقم (٨١٤٨) ٥/ ١٣٠ رقم (٨٤٦٤)، والطبراني في الكبير=