خاتمة في الحدود
  ٧٥٠ - وَقَدْ أَتَى بالعَرَضِيَّاتِ الَّتِيِ ... تَخْتَصُّ في الجُمْلَةِ بالماهِيَّة
  أشار الناظم غفر الله له إلى أنه قد يكون التعريف بالعرضيات التي تختص جملتها بالماهية كقولنا: في تعريف الإنسان: ماشٍ على قدميه، عريض الأظفار بادي البشرة مستوي القامة ضاحك بالطبع، فإن جملة هذه الأوصاف مختصة بالإنسان، لا كل فرد مِنْهُا على انفراده، لأن كثيرًا من الحيوان يمشي على قدميه، ومن عريض الظفْر: الجمل، ومِنْ بادي البشرة كثيرٌ من الحرشات، ومن مستوى القامة، والضاحك الدب، كما يروى والله أعلم، قوله:
  ٧٥١ - وَاعلمْ بِأَنَّ الشرطَ في المعرِّفِ ... بأنَّهُ أَجْلَى مِنَ المُعَرَّف
  ٧٥٢ - واحْتَرَزُوا فِيْ الشَّيْءِ حَيثُ عُرّفَا ... عَمَا يُسَاوِيْهِ جَلَاءً وَخَفَا
  أشار الناظم إلى أنه يشترط في المعرف للشيء أن يكون أجلى مِنْهُ، فلا بد وأن تكون معرفة المعرف حاصلة قبل حصول معرفة المعرف بوجه من الوجوه، فلا يكون مساويًا له في المعرفة، ولا أخفى مِنْهُ، ولهذا يجب الاحتراز في الحدود عن تعريف الشيء بما يساويه في الجلاء والخفاء، فلا يصح التعريف بالمساوي معرفة للمعَرَّفِ سواء تساويًا ضرورة كالمتضايفين نحو تعريف الأب بمن له ابن، فإنهما يتعقلان معًا بالضرورة أو عادة: كالمتضادين مثل السواد والبياض، أو بالنظر إلى من يعرف له كتعريف الزرافة بحيوان يشبهُ جلده جلد النمر، لمن لم يعرف جلد النمر، ولا بالأخفى من المعرف: سواءً كان أخفى ضرورة كما في الدور، نحو: تعريف الحركة بما ليس بسكون، فإن السكون عدم الحركة عمن شأنه أن يتحرك، أو عادة كتعريف النار بالجوهر الشبيه بالنفس أي بالنظر إلى من يعرف له، كتعريفها بأنها (أي النار) الخفيف المطلق، والخفيف المطلق عندهم: ما يدرك بالطرف لا باللمس كَضَوْء السراج، والخفيف المطلق ما يدرك بهما وكما يجب الاحتراز عن المساوي في الجلاء والخفاء، كذلك يجب الاحتراز عن الألفاظ المشتركة، والمجازية، والغريبة، من دون قرينة. ثم أشار إلى وجوه ترجيح الحدود السمعية كحد الصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك فقال:
  ٧٥٣ - ورجَّحوا مَا كانَ ذاتِيًّا عَلى ... سِواهُ وَالنَصُّ الصَّريحُ قَد جَلَا
  ٧٥٤ - ترجيحُهُ عَلى سِواهُ والأعَمْ ... على الأخصِّ فاعتبرْ ما يُرْتَسَمْ
  ٧٥٥ - وَكُلَّ مَا وَافَقَ نَقْلَ الشَّرْعِ ... عَلى مُخَالِفٍ بغيرِ مَنْع
  ٧٥٦ - أو عَمِلوا بِهِ جميعُ العُلَمَا ... أو بَعْضُهُمْ فَاحْرِصْ على ما نُظِمَا
  ٧٥٧ - أو عَمِلُوا أهلُ مدينةِ النَّبِيْ ... والخُلَفَا بِهِ فَحَقِّقْ تُصِب