فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول

صفحة 4 - الجزء 1

  وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا»⁣(⁣١) وعناهم بقوله ÷: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ»⁣(⁣٢).

  وبعد: فإن علم أصول الفقه من أهم العلوم مرتبةً وأجلها قدرًا وأكثرها فائدة، ولا يخوض فيه إلا من له قدم راسخ، وعلم واسع، وتدقيق وتحقيق لعلوم العربية من نحو، وصرف، ومعانٍ، وبيان، ونحوه، وعلم المنطق خاصة؛ لأن من انشغل بعلم أصول الفقه دون تحقيق علم المنطق خاصة يُعَدُّ كَدُّهُ عبثًا أو كالذي يحرث في البحر، أو يكتب في ظلام، ونظرًا لأن علم أصول الفقه من علوم الاجتهاد فإنه بحاجة ماسة إلى مزيد من العناية والاهتمام بقراءته وإتقانه؛ فما أقل المجتهدين في زمننا هذا الذي ركَّت فيه العلوم، لذلك نجد البعض ينزعج من سماع علم أصول الفقه لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ لما فيه من التعقيدات والمصطلحات المنطقية كما يزعمون، ولذلك فقد حصل الجدل منذ زمن طويل بين الطالبين الراغبين لهذا الفن وبين الذين كبا بهم الحظ في تحقيق العربية والمنطق. وقد أجاد أحدهم حين قال:

  يَقُولُونَ مَا هَذِي الْعُلُومُ الَّتِي بِهَا ... تَفَرَّدَ مِنْ بَيْنِ الأَنَامِ الْفَلَاسِفَهْ

  فَقُلْ سَفْهٌ واللهِ إِنْ خَالَفُوا الْهُدَى ... وَإِنْ وَافَقُوا الدِّينَ الْحَنِيفَ فَلَا سَفَهْ

  ولما صار الأمر كذلك وتحولت العلوم كلها إلى صناعة، واحتاج الفقهاء والمجتهدون إلى ترتيب هذه العلوم على هيئة قواعد وقوانين، كما احتاج القرآن والسنة إلى ترتيب وطبع ومزيد من العناية والخدمة، والنسخ بالمطابع الحديثة، فإن قواعد الفقه أيضًا وأحكامه تحتاج كذلك إلى خدمة، فبذل العلماء ما بوسعهم في هذا الجانب لخدمة هذا الفن واختلفوا في بعض قواعده وقوانينه كما اختلفوا في غيرها من العلوم، لكنهم اتفقوا على تسميته


= ٣/ ١١١ رقم (٢٦١٤، ٤٧٨٩)، وفي الأوسط ١٠/ ٤٧٠ رقم ٤٩١٣.

(١) مناقب أمير المؤمنين ١/ ١٥٧ رقم (١٥٧)، الأمالي الخميسية ١/ ٢٩٢، فتح الباري ١١/ ١٣٤، والترمذي ١٠/ ٤٩٤ رقم (٣١٢٩، ٣٧١٩، ٣٨٠٦)، والحاكم ٨/ ٢٢٠ رقم (٣٥١٧)، وأحمد رقم (١٦٣٧٤، ٢٤٤٤٤، ٢٥٣٨٣)، خصائص النسائي ١/ ٤٩، والنسائي في السنن الكبرى ٥/ ١١٣، وابن أبي شيبة ٧/ ٥٠١ رقم (٤٠)، وذخائر العقبى ١/ ٢١، ١٦، ٢١، ٢٣، ٢٤، والطبري في الكبير ٣/ ٨٨ رقم (٢٥٩٧، ٢٦٠٢، ٢٦٠٣).

(٢) رواه الإمام الأعظم زيد بن علي في مجموعه الفقهي والحديثي ١/ ٢٧٨ رقم (٦٠٠)، وهو في المنهج المنير تتمة الروض النضير ٣/ ١١٨، وفي النور الأسنى ١/ ١١، وفي المسند الشريف ١/ ٣٨٣، ورواه شيخ الإسلام وخادم علوم آل البيت الكرام القاضي العلامة شمس الدين جعفر بن أحمد بن عبد السلام (ت ٥٧٦ هـ) كتابه الأربعين العلوية وشرحها ١/ ٢٢، وهو في كنز العمال ٣/ ١٧٦، والسيوطي في جمع الجوامع ١/ ٦٠٢١ رقم (٢٣٦٨) وفي مسند الشاميين ١/ ٣٤٤ رقم (٥٩٩) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني ٢/ ٣٢٢ رقم (٦٩٤).