فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

لا ينعقد الإجماع بالشيخين وليس قولهما حجة ولا بأهل المدينة

صفحة 133 - الجزء 1

  المستند بوجوده، وقوله: وَلَوْ قِيَاسًا ... إلخ: أي أنه يصح أن يكون مستنده قياسًا سواءً كان جليًا أو خفيًا وذلك غير ممتنع، لأنه لو فرض وقوع الإجماع عنه لم يلزم مِنْهُ محال، غايته أنه يفيد الظن كخبر الواحد، والمتواتر الظني الدلالة إذ لا مانع بقدر إلا كونه مظنونًا ولإجماعهم على حد الشارب فإن عليًّا # أثبته بالقياس وأجمعوا على رأيه حيث قال: (إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فأرى عليه حد المفتري)⁣(⁣١)، أخرجه مالك والشافعي عن ثور بن زيد الديلمي وهو منقطع، لكن وصله الحاكم من وجه آخر عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، وقد روى أئمتنا $ ذلك والفقهاء عن رسول الله ÷، وفي الصحيحين أنه ÷ جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخفُّ الحدود ثمانون فأمرَ به.

  قلتُ: الإجماع إنما هو على ثبوت الحد على الجملة لا على مقداره إذ الخلاف فيه شائع، فعند أهل البيت ثمانون، وعند الشافعي أربعون، ثم لا حاجة إلى الاستدلال عليه بالإجماع إذ قد ثبت بالنص كما تقرر في الصحيحين، ولا كون المستند هنا هو القياس لما عرفت من وجود النص وأنه علم قوله، وكذا يصح أن يكون مستنده اجتهادًا وذلك أن الأحكام الحاصلة بالاجتهاد كلها حاصلة من طرق الشرع الجملية وليس الاجتهاد إلا ما جاءت به الطرق فيكون مستندًا.

  واعلم أنه يمتنع إجماع أهل العصر الثاني على خلاف إجماع العصر الأول لأنه لا يخلو الإجماعان أن يكونا باطلين أو أحدهما صحيحًا والآخر باطلًا أو صحيحين، الأول والثاني باطلان، لأن الأمة لا تجتمع على باطل، والثالث أيضًا باطل، لاقتضائه ثبوت الحكم وضده وثبوته ونفيه وهو محال فتعين صحة إجماع أهل العصر الأول لا الثاني.

لَاَ يَنْعقِدَ الإجْمَاعُ بالشيخين وَلَيْسَ قَوْلُهما حُجَّةً وَلَا بِأَهْل المَدِينة

  ١٩٦ - وَلَيسَ بالشيخينِ أو بالأرْبَعَهْ ... ينعقدُ الإجماعُ فافهمْ واسمَعَهْ⁣(⁣٢)


(١) الأحكام ٢/ ٢٦٤، وشرح التجريد ٣/ ٢٩٩، وأصول الأحكام ١/ ٥٣٧ رقم (١٦٠)، وأنوار التمام ٤/ ٩٧، وعزاه للجامع الكافي للمرادي والموطأ ٢/ ١٩٥.

(٢) فافهمهُ وعه (نسخة) وإذا كان الإمام علي # قد أبدى رأيه في أي مسألة، فإنه ينعقد لحديث رسول الله ÷: «عليٌّ مع الحق والحق مع علي، عليٌّ مع القرآن والقرآن مع علي»، «اللهم أدر الحق معه حيث دار» قال سيد المتَسَنِّنَةِ محمد بن إسماعيل الأمير في التحفة العلوية:

وَيَدُوْرُ الحَقُّ مَعْهُ حَيْثُمَا دَا ... رَ فَافْهَمْهُ حَدِيْثًا نَبَوِيَّا