المناسبة وصورها
  يعني أن إبطال الوصف المحذوف بعدم ظهور مناسبة للحكم، وهذا عند من يشترط المناسبة، قال الفقيه علي: وهو المذهب واختاره الغزالي، ذكره المحلي في شرحه، وقال صاحب الفصول: ولا يشترط وفاقًا للجمهور ظهور مناسبتها، قال صاحب الحاوي(١): كقول السيد لغلمانه من قام: فاضربوه ومن خرج فأكرموه فالتعليل مفهوم مع أنه لا مناسبة بين القيام والضرب والخروج والإكرام، وكلام العضد يقتضي أن الخلاف في ظهور المناسبة لا في جملتها وهو كلام جيد من حيث النظر لكن صرح ابن الحاجب في المنتهى والكبير: أن الخلاف في نفس المناسبة. ثم أشار الناظم إلى شرط هذه الطريق وما بعدها فقال:
  ٢٧٨ - والشرطُ فِيْ هَذِيْ الطريِقِ ثُمَّ مَا ... مِنْ بعدِهِ إجماعُ كُلِّ العُلَمَا
  ٢٧٩ - أَعني على تَعليلِهِ في الجمْلَةِ ... مِنْ دُونِ تعيينٍ لِتلكَ العِلَّة
  ٢٨٠ - وَهْوَ يُسَمَّى حُجَّةَ الإِجْمَاعِ ... فاحفظْ وكُنْ لِلْعِلمِ خيرَ واع
  يعني أن شرط هذه الطريق المسمى بحجة الإجماع وما بعده من الطرق المستنبطة من النص من الشارع أو الإجماع من العلماء على تعليل الحكم في الجملة من دون تعيين في محل من محالها، إذ لو وقع على التعيين لكان هو الطريق ولا حاجة حينئذ إلى الاستنباط، قوله:
الْمُنَاسَبَةُ وَصُوَرُهَا
  ٢٨١ - ورابعُ المسالِكِ المُنَاسَبَهْ ... فَهَاكَ خُذْ تَفْصِيْلَها مُرَتَّبهْ
  ٢٨٢ - وأنها تعيينُ ذاتِ العِلَّهْ ... في أَصْلِهَا الثَّابِتِ بالأَدِلَّهْ
  ٢٨٣ - ولا سِوَى مُجَرَّدِ المناسبهْ ... ذَاتيةً بلغتَ كُلَّ مأْرَبَهْ
  ٢٨٤ - كالسُّكْرِ في تحريمِ خَمرٍ مُزْبدِ ... ومثلُهُ جِنَايَةُ المُتعَمِّد
  هذه هي الطريق الرابع من طرق العلة وتسمى أيضًا الإخالة بكسر الهمزة لأنها بالنظر إليها يخال: أي يظن أنها العلة وتسمى أيضًا تخريج المناط، أي استخراج العلة المناط بها الحكم لأنها يناط بها الحكم أي يعلق.
  فائدة: يقال: تخريج المناط، وتحقيق المناط، وتنقيح المناط، فالأول: ما ذكرناه، والثاني: عبارة
(١) للإمام المؤيد بالله رب العالمين يحيى بن حمزة الحسيني أشهر من أن يعرف.