فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الغريب

صفحة 175 - الجزء 1

  صاحب «نفح الطِّيْبِ» أن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي صاحب مالك إمام أهل الأندلس، أفتى الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي حين جامع أهله في نهار رمضان بصيام شهرين متتابعين تعيينًا فأنكر عليه ذلك وقيل له: لم لا تفتيه بمذهب مالك، وهو التخيير بين العتق والإطعام، والصيام؟ فقال: لو فتحنا له هذا الباب سهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة، ولكن حملته على أصعب الأمور لئلا يعود. وبقية الأمثلة مأخوذةٌ مما تقدم سابقًا، وهذا الملغى مطروح باتفاق. ثم أشار إلى القسم الثاني بقوله:

الغريب

  ٣١٣ - وكُلَّ ماَ لَيسَ لَهُ نَظيرُ ... في الشرعِ فالغريبُ والمنكورُ

  ٣١٤ - ولكنِ العقلُ غدا يستحسنُ ... حكمًا لأجلِهِ يَراهُ يُمكِنُ

  أشار إلى القسم الثاني من المرسل، وهو الغريب، وهو ما ليس له نظير في الشرع لا جملة ولا تفصيلًا، ولكن العقل يستحسن الحكم لأجله، كأن يقال: في البات لزوجته في مرضه المخوف لئلا ترث: يُعَارضُ بنقيض قصده، فتورَّثُ قياسًا على القاتل عمدًا، حيث عورض بنقيض قصده، فلم يورث بجامع كونهما فَعَلا فِعلًا محرمًا لغرض فاسد، فإنه لم يثبت في الشرع أنه العلة في القاتل ولا غيرهُ فليس لذلك وجه مناسبة. وفي ترتيب الحكم عليه، وهو معارضتهما بنقيض قصدهما تحصل مصلحة، وهو زجرهما عن الفعل المحرم، لكن لم يشهد لذلك أصل معين في الشرع بالاعتبار. ثم أشار إلى عدم اعتبارهما بقوله:

  ٣١٥ - ثُمَّ هُمَا يَا صَاحِ مَطرُوْحانِ ... بالإَّتفاقِ فاستمعْ بَيَانِي

  يعني أن الغريب والملغى من المرسل مطروحان، لا يعمل بهما، ولا يلتفت إليهما اتفاقًا؛ لأنه ابتداء شرع بما يستحسن عقلًا، وهو لا يجوز؛ لأن الشرائع لا تهتدي إليها العقول، بل هي موقوفة على إرادة الشارع، والله أعلم، قوله:

الملائِمُ أو المصَالِحُ المرْسَلَةُ

  ٣١٦ - ثُمَّ الملائمُ الذي لم يشهدِ ... أَصْلٌ لَهُ بالاعتبارِ المُسَنَد

  ٣١٧ - لكنَّهُ مطابقٌ للبعضِ مِنْ ... مقاصدِ الشرعِ الشريفِ فاستَبِنْ